وَالثَّانِي: التَّعْلِيْمُ، فَإِنَّهُ إِذَا عَلَّمَ النَّاسَ كَانَ أَدْعَى إِلَى تَعْلِيْمِهِ.
وَالثَّالِثُ: التَّصْنِيْفُ، فَإِنَّهُ يُخْرِجُهُ إِلَى البَحْثِ، وَلَا يَتَمَكَّنُ مِنَ التَّصْنِيْفِ مَنْ لَمْ يُدْرِكْ غَوْرَ ذلِكَ الَّذِي صَنَّفَ فِيْهِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: الحِكْمَةُ فِي اخْتِصَاصِ المَرْأَةِ بِالحَيْضِ: أَنَّهَا تَحْمِلُ الوَلَدَ، وَالوَلَدُ مُفْتَقَرٌ إِلَى الغِذَاءِ، فَلوْ شَارَكَهَا فِي غِذَائِهَا لَضَعُفَتْ قُوَاهَا، وَلكِنْ جَعَلَتْ لَهُ فَضْلَةً مِنْ فَضَلَاتِهَا، إِنْ حَمَلَتْ فَهِيَ قُوْتُهُ، وَإِنْ لَمْ تَحْمِلْ انْدَفَعَتْ، فَإِذَا وَلَدَتْ تَوَفَّرَتْ تِلْكَ الفَضْلَةُ عَلَى اللَّبَنِ.
قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ لِبَعْضِ مَنْ يَأْمُرْ بِالمَعْرُوفِ: اجْتَهِدْ أَنْ تَسْتُرَ العُصَاةَ؛ فَإِنَّ ظُهُوْرَ مَعَاصِيْهِمْ عَيْبٌ فِي أَهْلِ الإِسْلَامِ، وَأَوْلَى الأُمُوْرِ سِتْرُ العُيُوبِ.
وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: الأَيَّامُ قَدْ ذَهَبَتْ، وَالأَعْمَارُ قَدْ نُهِبَتْ، وَالنُّفُوْسُ بِاتِّبَاعِ الهَوَى قَدْ التَهَبَتْ، وَمَا يُطْلَبُ مِنْهَا شَيْءٌ مِنَ الخَيْرِ إِلَّا أَبَتْ، وَبُيُوْتُ التَّقْوَى مِنَ القُلُوبِ قَدْ خَرِبَتْ.
وَسَمِعتُهُ يَقُولُ: نَظَرُ العَامِلِ إِلَى عَمَلِهِ بِعَيْنِ الثِّقَةِ بِهِ فِي بَابِ النَّجَاةِ، أَضَرُّ عَلى العُصَاةِ مِنْ تَفْرِيْطِهِمْ.
وَقَالَ: لَوْلَا الظُّلْمُ الجَائِرُ مَا حَصَلَتِ الشَّهَادَةِ للشَّهِيْدِ، وَلَوْلَا أَهْلُ المَعَاصِي، مَا بَانَتْ بَلْوَى الصَّابِرِ فِي الأَمْرِ بِالمَعْرُوْفِ، وَلَوْ كَانَ المُجْرِمُوْنَ ضُعَفَاءَ لَقُهِرُوا، فَلَمْ يَحْصُلُ ذلِكَ المَعْنَى.
وَكَانَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (١): {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكَابِر
(١) سورة الأنعام، الآية: ١٢٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute