فهذا لعلمه قابلية الصغير لما يلقى إليه من العلوم الضارة وغيرها، ولعدم تمييزه بين الصحيح وغيره، ولأن الضرر الذي يصعب معالجته هو زيغ العقيدة، فإن زيغها مصدر كل شر وبلاء، ومصدر كل الأخلاق الرذيلة.
وانظر إلى ما قاله وزير رئيس إرساليات التبشير، فقد عقد مؤتمرا في القرن الماضي، حضره دعاة التبشير، وهذا نص خطابه، ليعرف منه مقاصده ومراميه. قال: أيها الإخوان الأبطال، والزملاء الذين كتب الله لهم الجهاد في سبيل المسيحية واستعمارها لبلاد الإسلام؛ فأحاطتهم عناية الرب بالتوفيق الجليل المقدس، لقد أديتم الرسالة التي أنيطت بكم أحسن الأداء، ووفقتم لها أسمى التوفيق، وإن كان إنه يخيل إلي أنه مع إتمامكم العمل على أكمل الوجوه، لم يفطن بعضكم إلى الغاية الأساسية منه. إني أخبركم على أن الذين دخلوا من المسلمين في حظيرة المسيحية لم يكونوا مسلمين حقيقيين؛ لقد كانوا كما قلتم أحد ثلاثة: إما صغير لم يكن له من أهله من يعرفه ما هو الإسلام، أو رجل مستخف بالأديان لا يبغى غير الحصول على قوته، وقد اشتد به الفقر، وعزت عليه لقمة العيش; وآخر: يبغي الوصول إلى غاية من الغايات الشخصية.