للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقاهم عذاب السموم، لا بمجرد السؤال، فإنه سبحانه يسأله من في السماوات والأرض ; وأما قوله: {ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ} [سورة القصص آية: ٦٤] الآية، فهذا دعاء المسألة، يبكتهم، ويخبرهم يوم القيامة.

فقوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} [سورة الأعراف آية: ٥٥] يتناول نوعي الدعاء، لكنه ظاهر في دعاء المسألة، متضمن دعاء العبادة، ولهذا أمر بإخفائه، قال الحسن: "بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفا". وإن الله تعالى ذكر عبدا صالحا ورضي بفعله، فقال: {إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيّاً} ، [سورة مريم آية: ٣] وقال تعالى: {وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً} [سورة الأعراف آية: ٢٠٥] الآية، فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يذكره في نفسه.

فذكر التضرع في الآيتين، وهو التذلل والتمسكن والانكسار، وهو روح الدعاء والذكر؛ وخص الدعاء بالخفية لحكم كثيرة؛ وخص الذكر بالخيفة لحاجة الذكر إلى الخوف، فإن الذكر يثمر المحبة، والمحبة إن لم يقترن بها الخوف ضرت صاحبها.

ولهذا قال بعض السلف: "من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، ومن عبده بالجميع فهو مؤمن". وفي آية الذكر قال: {في نفسك} فلم يحتج أن يقول: خفية، وقال في آية الدعاء: {وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً} [سورة الأعراف آية: ٥٦] فلم يحتج أن يقول خيفة ; وذكر الطمع في آية الدعاء الذي هو

<<  <  ج: ص:  >  >>