للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا نفعا؛ فهو سبحانه يدعى للضر والنفع: دعاء المسألة، ويدعى خوفا ورجاء: دعاء العبادة. فاعلم أن النوعين متلازمان.

وعلى هذا فقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [سورة البقرة آية: ١٨٦] الآية، وكذلك قوله: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [سورة غافر آية: ٦٠] ، وقوله: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي} [سورة الفرقان آية: ٧٧] الآية، وقوله: {فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [سورة غافر آية: ١٤] هو دعاء العبادة.

وقول الخليل عليه السلام: {إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} [سورة إبراهيم آية: ٣٩] ، فالمراد: سمع الإجابة لا سمع العام، وهو يتناول النوعين. وسمع الرب إجابته للطلب وإثابته على العبادة، وأما قول زكريا: {وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيّاً} [سورة مريم آية: ٤] فقد قيل: إنه دعاء المسألة، والمعنى: أنك عودتني الإجابة ولم تشقني بالحرمان، فهو توسل إليه بإحسانه الماضي.

وقوله: {قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيّاً مَا تَدْعُوا فَلَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [سورة الإسراء آية: ١١٠] ، فالمشهور: أنه دعاء المسألة، وهو سبب النّزول، قال ابن عباس: "سمع المشركون النبي صلى الله عليه وسلم يقول: يا رحمن يا رحيم، فقالوا: هذا يزعم أنه يدعو إلها وهو يدعو إلهين ; فأنزل الله هذه الآية".

وأما قوله: {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ} [سورة الطور آية: ٢٨] الآية، فهو دعاء العبادة; والمعنى: إنا كنا نخلص له العبادة، ولهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>