وقوله تعالى:{إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} والاعتداء في الدعاء أنواع، منها: أن يسأل غير الله أو يدعو معه غيره. ومنها: أن يسأله ما لا يجوز، أو ما لا يليق به، مثل العصمة. ومنها: رفع الصوت بالدعاء. والآية أعم من هذا، وإن كان الاعتداء في الدعاء من جملة الاعتداء.
ومن العدوان: أن يسأل غيره متضرعا، كالمدل على ربه. ومنها: أن يعبده بما لا يشرعه ; وذكر هذا بعد قوله: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً}[سورة الأعراف آية: ٥٥] دليل على أن من لم يدعه تضرعا وخفية، فهو من المعتدين.
وقوله:{وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِهَا}[سورة الأعراف آية: ٥٦] ، قال بعض السلف: بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم والفساد قد ملأ الأرض، فأصلح الله فسادها؛ فمن دعا إلى غير ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فقد أفسد في الأرض بعد إصلاحها; وقوله:{وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً}[سورة الأعراف آية: ٥٦] ذكر الدعاء ثانيا لما ذكر معه من الخوف والطمع.
وقوله:{إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[سورة الأعراف آية: ٥٦] فيه تنبيه على أن فعل هذا المأمور به هو الإحسان المطلوب منكم، ومطلوبكم أنتم من الله رحمته، وهي قريب من المحسنين الذين دعوه تضرعا وخفية وخوفا وطمعا، ومفهومه أن رحمة الله بعيد من غير المحسنين.
والإحسان هاهنا هو فعل المأمور به، سواء كان إلى الناس أو إلى نفسه، فأعظم الإحسان الإيمان والتوحيد،