وكلام الإمام أحمد يدل عليه; وحينئذ فقد يكون تركها أفضل إذا كان الجهال يطنون أن هذه سنة راتبة أو أنها واجبة، فتترك حتى يعرف الناس أنها ليست بسنة راتبة ولا واجبة، لا سيما إذا داوم الناس عليها، فينبغي تركها أحياناً حتى لا تشبه الفرض.
والمقصود أن شيخ الإسلام قال: فهذا الحديث يدل على أن الصلاة مشروعة قبل العصر، وقبل العشاء الآخرة، وقبل المغرب، وأن ذلك ليس بسنة; وأنت تقول إنها سنة وتغلظ في ذلك. ثم قال الشيخ: وكذلك ثبت أنهم كانوا يصلون بين أذان المغرب وهو يراهم فلا ينهاهم ولا يأمرهم ولا يفعل هو ذلك؛ فدل على أن هذا فعل جائز. وأنت تأمر بذلك وتشدد الإنكار على تركه، والنبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:" بين كل أذانين صلاة "، إنما هو بيان للجواز لا أن ذلك سنة؛ ولو كان سنة لفعله، ولأمر من يترك ذلك بالصلاة. قال شيخ الإسلام: فمن فعل ذلك لم ينكر عليه، ومن ترك ذلك لم ينكر عليه؛ وهذا أعدل الأقوال، وكلام الإمام أحمد يدل عليه; فالذي أحبه لك: أن تأخذ بأعدل الأقوال، وأنا - ولله الحمد - أفعله أحياناً لكي لا أرى التغليظ في الأمور الجائزة. أما السنن الراتبة، والوتر، فقد ذكر العلماء، أنه لا يتركها إلا رجل سوء.