للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وله مشايخ آخرون جاوزوا المائة، ذكرهم مع مقروءاته عليهم في «المعجم الوجيز للمستجيز» و «البحر العميق في مرويات ابن الصديق».

وبعد أن تضلع في العلوم انقطع في منزله واشتغل بالحديث، وشرع في تخريج أحاديث «مسند الشهاب» الذي أسماه «فتح الوهاب بتخريج أحاديث مسند الشهاب».

جهد هذا الحافظ الغماري في هذا الشأن واجتهد، وحرر الرجال و انتقى وانتقد، وكتب بخط يده الشيء الكثير فكان في عادته إذا وقف على جزء ينسخه، و إن لم يستطع وكان جزءا أو كتابا كبيرا، علق لنفسه أحاديثه المسندة كما فعل في كتابه «المؤانسة بالمرفوع من حديث المجالسة» للدينوري، و لم يكن له هم سوى التصنيف والإفادة، وتوغل في ذلك حتى صار حافظا ناقدا.

ومما عرف به الشيخ نبذه للتقليد المذموم والتعصب الممقوت، ولذلك وقع في المقلدة وقعة شديدة، ورأى أن الواجب عليه هو الاجتهاد، فقال في أحد مصنفاته: «فلما نظرنا في كتب الخلاف العالية وكشف لنا عن حقائق تلك المذاهب، وأفل تحقيقها في نظرنا صرنا لا نقلد أحدا من خلق الله تعالى لا الشافعي ولا غيره، وإنما ننظر في كتبهم على سبيل النظر في أقوالهم ومعرفة دلائلهم و التفقه منها والتبصر بها، والاهتداء بعلمهم و السير على طريقهم لا على سبيل تقليدهم».

قال شيخنا محمد سعيد ممدوح في «تزيين الألفاظ» (١): «وهو مستحق للوصف بالحفظ، وقد وصفه بذلك جمع من أعيان شهوده من ذوي الخبرة بالحديث وعلومه، فقد اشتهر بالطلب والأخذ من أفواه الرجال، و كان على معرفة بالجرح و التعديل، وبطبقات الرواة، مع تمييزه لصحيح الحديث من ضعيفه، وكان حفظه للحديث قويا و زاد على ما سبق أمرين:


(١) ص ١٠٤

<<  <   >  >>