للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فلم يذكُرْ أحدٌ منهم في روايته لفظ «المحراب»، إنما وقع في رواية بعضهم «دخل في الصلاة»، وفي رواية البعض «دخل في الصف» (١) كما وقع في صحيح ابن حبان.

فقولُ الراوي: «دخل المحراب» غلط منه في فهم المراد من قوله: «دخل في الصف» أو «دخل في الصلاة»، أو نسيان للفظ الحديث.

وعلى كل حال فهو من المقطوع بطلانه فلا يعبر عنه بالضعيف المحتمل للصحة والثبوت في نفس الأمر.

الثانية: في قوله: «لأنه ضعيف بسبب جهالة أم عبد الجبار»، وذلك أن الطعن في الحديث لا ينبغي أن يُسند إلى جهالة أم عبد الجبار، لأنها وإن كانت في عداد المجهولين، فهي بريئة من عهدة هذه الزيادة؛ لأن عبد الجبار الراوي عنها قد رُويَ الحديث عنه من طرق متعددة منقطعا وموصولا بواسطتها وواسطة أهل بيته ومولى لهم، فلم يذكر في مرة منها لفظ «المحراب»، كما لم يذكرها متابعوه من أقرانه، فدل على أنها حَدَثَتْ بعده وصَدَرت ممن هو دونه فضلا عن أن تتهم بها أمه.

الثالثة: أن في السند قبلها سعيد بن عبد الجبار، وهو متكلم فيه أيضا (٢)، فلا ينبغي الإعراض عنه، فقد يكون الوهم في ذكر هذه الزيادة صادرا منه.

الرابعة: أنه ينبغي الطعن في الحديث بالنكارة لوجود المخالفة التي أشرنا إليها، فإنها أقوى من مجرّد ضعف الرجال، لأن ضعف الراوي إما لكذبه أو لسوء حفظه، وكلّ منهما غير لازم للموصوف به في كل الأحوال، بل قد يصدق الكذوب ويتذكر السامع والناسي؛ بخلاف مخالفة الراوي لجمهور الثقات وإتيانه لما هو معلوم البطلان مقطوع بعدم وجوده، فإنه يطعن في روايته ويجزم ببطلانها، ولو كان أوثق الثقات.


(١) (صحيح ابن حبان ٥/ ١٧٣).
(٢) قال الحافظ في «تهذيب التهذيب» ٤/ ٥٤: «قال النسائي: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: ليس له كثير حديث». قلت: وذكره ابن حبان في «الثقات» وقال كنيته أبو الحسن مات سنة «١٥٨».

<<  <   >  >>