للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عدمَ الحرمةِ (١).

(وَلَا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِيْنَ الْفِرَارُ) منَ الكفارِ إذا كانَ (مِنْ مِثْلَيْهِم، وَلَوْ) كانَ الفارُّ (وَاحِدًا مِنِ اثْنَيْنِ) (٢)؛ لقولِه تعالى: ﴿فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ﴾ (الأنفال: ٦٦) قالَ ابنُ عباسٍ: "منْ فرَّ منَ اثنَينِ فقدْ فرَّ، ومنْ فرَّ منْ ثلاثةٍ فما فرَّ" (٣). ويلزمُ المسلمينَ الثباتُ، وإن ظنُّوا التلفَ (٤)؛ لقولِه تعالى: ﴿إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ (الأنفال: ١٥)، ولأنه عدَّ الفرارَ من الكبائرِ (٥). إلا إذا كانُوا متحَرِّفِينَ لقتالٍ (٦)؛ لقولِه تعالى: ﴿وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ (الأنفال: ١٦). ومعنَى التحرفِ لقتالٍ: أن ينحَازُوا إلى موضعٍ يكونُ القتالُ فيهِ أمكنَ، مثلَ أن ينحازُوا منْ ضيقٍ إلى سعةٍ، أو مَعْطَشَةٍ إلى ماءٍ، أو من نُزولٍ إلى علوٍ، أو انحرافِهم عن مقابَلةِ الشمسِ أو الريحِ، أو استنادٍ إلى جبلٍ، ونحوِه مما جرَتْ به العادَةُ. ومعنى التحيزِ إلى فئةٍ: أن يصِيرَ إلى فئةٍ من المسلمينَ ليكونَ معهُم فيتقوَّى بهم. قال القاضي: "لو


= حصاره للطائف في ذي القَعدة بلا شك. انظر: مصنف ابن أبي شيبة ٧/ ٣٩٨، صحيح البخاري ٤/ ١٥٥٧ - ١٥٧٢، سيرة ابن هشام ٢/ ٤٨٢، زاد المعاد ٣/ ٣٠٢.
(١) ظاهر العبارة غلط، وصوابها: (عدم النسخ) أو: (بقاء الحرمة). وعبارة شيخه في شرح الإقناع: (واختار في الهدي لا). وانظر كلام ابن القيم في زاد المعاد في: ٣/ ٣٠٢.
(٢) انظر: الهداية ١٣٤، المستوعب ٣/ ١٤٧، المبدع ٣/ ٣١٦.
(٣) أخرجه الشافعي في الأم، في كتاب الحكم في قتال المشركين (٢٠٣٤) ٥/ ٥٨٨، وابن أبي شيبة (٣٣٦٩٠) ٦/ ٥٤١. صححه الألباني الإرواء ٥/ ٢٩.
ورواه الطبراني في الكبير عن ابن عباس مرفوعًا (١١١٥١) ١١/ ٩٣. قال فيه الهيثمي: "رجاله ثقات" مجمع الزوائد ٥/ ٣٩٣.
(٤) انظر: المغني ١٣/ ١٨٩، الفروع ١٠/ ٢٤٢، التنقيح المشبع ١١٣.
(٥) يعني به حديث أبي هريرة عن النبي قال: "اجْتَنِبُوا السَّبْعَ المُوبِقَاتِ". قالُوا: يا رَسُولَ الله، ومَا هنَّ؟ قال: "الشِّرْكُ بِالله، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلا بِالحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ اليَتِيْمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ المُحْصَنَاتِ المُؤْمِنَاتِ الغَافِلَاتِ".
متفق عليه. أخرجه البخاري في كتاب المحاربين، باب رمي المحصنات (٦٨٥٧) ٦/ ٢٥١٥، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها (٨٩) ١/ ٩٢.
(٦) أو يتحيزوا إلى فئة من المسلمين لينفروا معهم. ولم يذكرها المؤلف، لكنها جاءت إشارة في كلامه. وانظر: المقنع ١٣٦، المحرر ٢/ ١٧٠، شرح منتهى الإرادات ١/ ٦٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>