للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سواءٌ وجدَ الشياهَ، أو عدمَها (١)؛ لأنَّ أصحابَ رسولِ الله كانُوا يتمتعونَ، فيذبحونَ البقرةَ عن سبعةٍ، قالَ جابرٌ: "أمرَنا رسُولُ الله أن نشتركَ فِي الإِبلِ والبَقرِ كلَّ سَبعَةٍ منَّا فِي بَدَنةٍ". رواهُ مسلمٌ (٢). وذكرَ جماعةٌ: أنَّ البدَنةَ لا يجزئُ عنِ البَقرةِ، ولا عن سَبع شيَاهٍ (٣). (وَالمُرَادُ بِالدَّمِ الوَاجِبِ) المطلقِ غيرِ المقيدِ، وهوَ: (مَا يُجْزِئُ فِي الَأُضْحِيَةِ) (٤). فإن قُيِّدَ بنحرِ بدنَةٍ، أو بقرةٍ تَقَيَّد. والمجزئُ في الأُضحيةِ: (جَذْعُ ضَأْنٍ) فإن له ستةُ أشهرٍ (٥)، (أَوْ ثَنِيُّ مَعْزٍ) له سنةٌ (٦)، (أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ، أَوْ) سُبُع (بَقَرَةٍ) (٧)؛ لقولِه تعالَى: ﴿فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ [البقرة: ١٩٦]، قالَ ابنُ عباسٍ:


(١) انظر: شرح الزركشي ١/ ٥٨٧، غاية المنتهى ١/ ٣٨٩، كشاف القناع ٢/ ٤٦٢.
(٢) انظر التخريج السابق نفسه الذي عند مسلم.
(٣) أطلق المصنف محل الخلاف، وليس كذلك، بل هو في جزاء الصيد، في إجزاء البدنة عن سبع شياه، وأنَّ مَن وجبَت عليه سبعُ شياهٍ في جزاءِ الصيد لم تجزئه البدنة؛ لأن سبعًا من الغنم أطيب لحمًا، فلا يُعدل عن الأعلى إلى الأدنى. جزم به الزركشي، واختاره الشويكي. انظر: المغني ٥/ ٤٥٨، شرح الزركشي ١/ ٥٨٧، التوضيح ٢/ ٥٠٤. والمذهب: الإجزاء. كما تقدمت الإشارة إليه.
أما في إجزاء البدنة عن البقرة فلم أقف على من ذكر فيه خلافًا إلا إشارةً للبهوتي في كشافه، في جزاء الصيد، أخذًا من مفهوم كلام الإقناع. كشاف القناع ٢/ ٤٦٣، وهو مبني على أنَّ تحديد الواجب فيه مقيد بالمثل، لكنه بعيد، لأن من فدى بالبدنة مكان البقرة فقد فدى بالأفضل من كل وجهٍ. ويُفارق من فدى بالبقرة بدل البدنة؛ لأنه فدى بالأدنى من وجهٍ، ولم يحقق المماثلة من وجهٍ آخر، والوجهان مفقودان في فِدى البدنة عن البقرة. والله أعلم.
فائدة: وقع خلاف في إجزاء البقرة عن البدنة في النذر وجزاء الصيد، فقيل في النذر: لا تجزئ البقرة، ويجب ما نواه. وإن أطلق النية، فقيل بالإجزاء، وقيل: لا، إلا أن يعدم البدنة. وفي جزاء الصيد: تجب البدنة؛ لأن البقرة لا تشبه النعامة. انظر: المبدع ٣/ ١٩١، الإنصاف ٣/ ٥٣٥.
(٤) انظر: شرح الزركشي ١/ ٥٨٧، الإقناع ١/ ٥٩٨، معونة أولي النهى ٣/ ٣٣٧.
(٥) الجذع: الصغير السن. وهو أول ما يُسطاع ركوبه والانتفاع به، واختلف في وقت إجذاع الضأن فقيل: لستة أشهر، وقيل: لثمانية أشهر. وقيل: ما أكمل سنة، ودخل في الثانية. انظر مادة: (جذع)، لسان العرب ٨/ ٤٣ تهذيب اللغة ١/ ٢٢٧، طرح التثريب ٤/ ١٣٩٠.
(٦) الثني: مأخوذ من الثَّنِيَّة واحدة الثنايا من الأسنان، والثَّنِي من بهيمة الأنعام: هو الذي يُلقي ثنيَّته. انظر: النهاية في غريب الحديث ١/ ٢٢٢، لسان العرب ١٤/ ١١٥. وللعلماء في الثني من المعز وجهان: أحدهما: أنه ما استكمل سنتين ودخل في الثالثة، والثاني: أنه ما استكمل سنة ودخل في الثانية. انظر: المغني ١٣/ ٣٦٨، المجموع ٥/ ٢٥٨.
(٧) انظر: الشرح الكبير ٣/ ٣٥٠، المحرر ١/ ٢٤٩، الإقناع ١/ ٥٩٨، منتهى الإرادات ١/ ١٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>