للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يوص بتركه"، واختار صاحب"المحرر" أن مَنْ هو عادة أهله، ولم يوص بتركه عذب؛ لأنه من لم يوص به (١) فقد رضي به (٢). وأنكرت عائشة حمل ذلك على ظاهره، ووافقها ابن عباس (٣)، وقالت: "والله ما حدث رسول الله إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله قال: إن الله ليزيد الكافر عذابًا ببكاء أهله عليه" (٤)، وقالت لما بلغها رواية عمر، وابنه في ذلك: "إنكم لتحدثون غير كاذبين، ولا متهمين، ولكن السمع يخطئ" (٥)، وقالت: "حسبكم القرآن: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ (٦) [االأنعام: ١٦٤ - الإسراء: ١٥ - فاطر: ١٨]. وقد بسطت الكلام، وبينت ما ورد من الأقوال أحسن بيان في كتابي "حقائق العيون الباصرة" (٧)، فراجعه إن أردت إيضاحًا.

(وتسن زيارة القبور) من المسلمين (للرجال) نص عليه (٨)، وحكاه النووي


(١) أي: لم يوص بتركه.
(٢) نقل في الفروع ٣/ ٤٠٢ قول ابن حامد، وصاحب التلخيص، وصاحب المحرر.
(٣) حيث ذكر لابن عمر قول عائشة ، وقال بعد أن سأل عائشة عن قول عمر : "والله (هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى) " متفق عليه. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي : "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه" إذا كان النوح من سُنَّته، رقم (١٢٢٦)، ١/ ٤٣٢، ومسلم، كتاب الجنائز، رقم (٩٢٩)، ٢/ ٦٤٢.
(٤) متفق عليه. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي : "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه، إذا كان النوح من سُنَّته، رقم (١٢٢٦)، ١/ ٤٣٢، ومسلم، كتاب الجنائز، رقم (٩٢٩)، ٢/ ٦٤١.
(٥) أخرجه مسلم، كتاب الجنائز، رقم (٩٢٩)، ٢/ ٦٤١.
(٦) متفق عليه. صحيح البخاري، كتاب الجنائز، باب قول النبي : "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه" إذا كان النوح من سُنَّته، رقم (١٢٢٦)، ١/ ٤٣٢، ومسلم، كتاب الجنائز، رقم (٩٢٩)، ٢/ ٦٤٢.
(٧) ١١٧/ ب.
وذهب شيخ الإسلام وابن القيم رحمهما الله إلى أن المراد بالحديث: أن الميت يتألم بالنياحة، ويتوجع منها، لا أنه يعاقب بذنب الحي، إذ العذاب أعم من العقاب؛ فإن العذاب هو الألم، وليس كلّ من تألم بسبب كان ذلك عقابًا له على ذلك السبب. والإنسان يعذب بالأمور المكروهة التي يشعر بها، مثل: الأصوات الهائلة، والأرواح الخبيثة، والصور القبيحة؛ فهو يتعذب بسماع هذا، وشم هذا، ورؤية هذا، ولم يكن ذلك عملًا له عوقب عليه. ينظر: مجموع الفتاوى ٢٤/ ٣٧٤، الروح ص ٨٨.
(٨) ينظر: مسائل أبي داود ص ٢٢٥، الإنصاف ٦/ ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>