للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدلٍ وأهلِ بغيٍ. ويأتِي في قتالِ أهلِ البغيِ. والثالثُ: بينَ زوجينِ خيفَ شقاقٌ بينهُما، أو خافتَ الزوجةُ إعراضَ الزوجِ عنهَا. ويأتي في عشرةِ النساءِ. والرابعُ: بينَ متخاصمَين في غيرِ مالٍ. والخامسُ: بينَ متخاصمَينِ في مالٍ. والصلحُ في الأموالِ على قسمينِ: قسمٌ على إقرارٍ، وقسمٌ على إنكارٍ.

وَ (يَصِحُّ) الصلحُ (مِمَّنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ) مِن جائزِ التصرفِ (١). وأمَّا من لم يصحَّ تبرعُه - كالمكاتب، والقنِّ المأذونِ لهما في التجارة، ووليِّ الصغيرِ والسفيه، وناظرِ الوقفِ -، فلا يصحُّ (٢)؛ لأنهُ تبرعٌ، وهم لا يملكونَه. إلا إِن أنكرَ مَن عليهِ الحقُّ، ولا بينةَ لمن يدعيه، مِن المكاتَبِ والوليِّ ونحوِ ذلكَ، فيصحُّ الصلحُ (٣)؛ لما فيهِ منَ الحظِّ والمصلحةِ؛ لاستيفاءِ البعضِ عندَ العجزِ عنِ استيفاءِ الكلِّ؛ لأنهُ أولَى من التركِ.

فيصحُّ (مَعَ الإقْرَارِ) أي: معَ إقرارِ مَن عليهِ الحقُّ بالحقِّ. (وَ) في صحُّ معَ (الإنْكَارِ) أي: معَ إنكارِ مَن عليهِ الحقُّ (٤). (فَإذَا أَقرَّ) المدَّعَى عليهِ (لِلْمُدَّعي بدَينٍ) معلومٍ في ذمتِه، (أَوْ) أقرَّ بِـ (ـعَينِ) بيدِه، (ثُمَّ صَالَحَهُ) المقَرُّ لهُ (عَلَى) وضعِ (بَعْضِ الدَّينِ) المقَرِّ به، (أَوْ) علَى (بَعْضِ الْعَينِ) المدَّعاةِ بهَا؛ كنصفٍ، أو ثلثٍ، ونحوِ ذلكَ، (فَهُوَ) أي: فيكونُ ذلكَ (هِبَةً)؛ لوجودِ الإقرارِ بما ادُّعِي به، فَـ (ـيَصِحُّ) ذلكَ (٥)؛ لأنَّ الإنسانَ لا يُمنعُ من إسقاطِ حقِّه، كما لا يُمنعُ من استيفائِه؛ لأنه كلَّمَ غرماءَ جابرٍ ليضعُوا عنهُ (٦). ويصحُّ


(١) انظر: الوجيز ٢٠٣، الإنصاف ٥/ ٢٣٦، منتهى الإرادات ١/ ٢٩٨.
(٢) انظر: المستوعب ٢/ ٢٤٧، الرعاية الصغرى ١/ ٣٦٢، الإقناع ٢/ ٣٦٦.
(٣) انظر: المقنع ١٨٣، الفروع ٦/ ٤٢٣، المبدع ٤/ ٢٧٩، شرح منتهى الإرادات ٢/ ١٣٩.
(٤) ومع السكوت. وسيأتي تفصيل كل قسم. انظر: المستوعب ٢/ ٢٣٧، المغني ٧/ ٥، الرعاية الصغرى ١/ ٣٥٩.
(٥) إن لم يكن ذلك بشرط، أو يمنعه حقه بدونه. انظر: المقنع ١٨٣، الوجيز ٢٠٣، الإنصاف ٥/ ٢٣٥.
(٦) وفيه: عن جابر: "أن أباه قُتِل يومَ أحدٍ شهيدًا، فاشتدَّ الغرماءُ في حقوقِهم، قال: فأَتيتُ رسُولَ الله فكلمتُه فسألَهم أن يقبَلوا ثمرَ حائطي، ويحلِّلُوا أبي، فأبَوا .. ". الحديث. أخرجه البخاري في كتاب الهبة وفضلها، باب إذا وهب دينًا على رجل (٢٦٠١) ٢/ ٩١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>