للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثّاني: قال [التورشتي] (١): هذه الرواية ليست بسديدة في الألسنة، ولا بمرضية في اللهجة العربية، بل هي ضعيفة، لا يكاد يرتضيها أهل البلاغة، ولا ريب أنّه كان أفصح النّاس لهجة، فالأظهر أنّه إنّما كان يقف ليبين للمستمعين رءوس الآي، ولو لم يكن لهذا لما وقف على ﴿الْعالَمِينَ﴾، ولا ﴿الرَّحِيمِ﴾، لما في الوقف عليهما من قطع الصّفة عن الموصوف، ولا يخفى ما في ذلك، ولذا استدرك الترمذي والله أعلم -، بقوله:" وحديث الليث أصحّ "، نعم لا ينبغي أن يقال في الوقف على ما ذكر في حديثها: أنّه قبيح، والوقف على كلّ كلمة جائز، ووصل القرآن كلّه جائز، وقد يكون الوقف حسنا على تقدير، وكافيا على آخر، وتاما على غيرهما.

وأمّا النّاقص: فقد يكون بعضه أقبح من بعض، كالوقف على ما يحيل المعني:

نحو الوقف على: ﴿وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ﴾ (٢) فلا يجوز تعمّد الوقف عليه، لفساد المعني المراد من القرآن، وأقبح منه الوقف على نحو: ﴿إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي﴾ (٣)، و ﴿لا إِلهَ﴾ (٤)، ﴿وَما مِنْ إِلهٍ﴾ (٥)، ما لم ينقطع نفس القارئ، ولم يتمكن من الوصل.

واستدلوا لعدم جواز ذلك بما روي:" أن رجلين جاءا إلى النّبي فتشهد أحدهما فقال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد ومن يعصمها"، ووقف، فقال له رسول


= - (١١٥٨)، الحاكم ١/ ٤٥٣ (١١٦٥) وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، مسند أحمد ٦/ ٢٩٤ (٢٦٥٦٩) وقال الأرناؤوط: "إسناده ضعيف لجهالة يحيى بن مملك"، وفي الكبري ٢/ ٢٨ (١٠٩٦، ١٣٧٩، ٨٠٠٣)، السنن الكبرى ٣/ ١٣ (٤٩٠٠)، المعجم الكبير ٢٣/ ٢٩٢ (٦٤٦)، ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود (٢٦٠) وغيره.
(١) في (أ): [التوربشتي]، (ع) [الترشيى]، (ط) [التورشيتى]، هو شهاب الدين فضل الله بن الحسين الترشتي المتوفى سنة ٦٠٠ هـ، صاحب الميسر في شرح صحيح مسلم.
(٢) النساء: ١١.
(٣) البقرة: ٢٦.
(٤) كما في البقرة: ١٦٣، ٢٥٥، آل عمران: ٢، ٦، ١٨، وغير هذه المواضع كثير.
(٥) كما في: آل عمران: ٦٢، المائدة: ٧٣، ص: ٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>