للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وللأديب الأوحد أبي عبد الله محمد بن أحمد بن علي بن جابر الهواري الأندلسي قصيدة ميمية بديعة في الفرق بين الظاء والضّاد، لم يسبق إلى مثالها، ولم ينسج أحد فيما علمت على منوالها وأوّلها (١):

حمد الإله أجل ما يتكلم … بدءا به فله الثناء الأدوم

ومنها قوله:

وأقول فيما بعد ذلك أنّه … للظا بالضّاد التباس يعلم

فرأيت حصر الظاء أوكد واجب … ليبين أن الغير ضاد ترسم

فسبكتها في حكمة أدبيّة … ليهون مقصدها لمن يتعلم

وشرحها أبو جعفر أحمد بن يوسف بن مالك الرعيني الغرناطي.

وأمّا الذّال المعجمة: فلولا الجهر الذي فيها لكانت ثاء، ولولا الهمس الذي في الثّاء لكانت ذالا، فإذا سكنت قبل نون، نحو: ﴿فَنَبَذْناهُ﴾، ﴿وَإِذْ نَتَقْنَا﴾ (٢) تعين التّحفّظ ببيانها، لا سيما في نحو: ﴿الْمُنْذَرِينَ﴾، و ﴿مَحْذُوراً﴾، و «ذللنا» (٣) لئلا يشتبه بنحو: ﴿الْمُنْظَرِينَ﴾، و ﴿مَحْظُوراً﴾، و ﴿وَظَلَّلْنا﴾ (٤)، كترقيقها إذا وليها ألف، نحو:

﴿ذلِكَ﴾، و ﴿ذاقَا﴾ (٥) وشبههما، خوفا من صيرورتها/ظاء، لأنّ التّفخيم يوجب لها الإطباق، فإن أتى بعدها مهموس نحو: ﴿إِذْ كُنْتُمْ﴾ (٦)، وجب بيان جهرها وإلاّ صارت ثاء، وإن أتي بعدها ظاء وجب إدغامها فيها، وهو في: ﴿إِذْ ظَلَمْتُمْ﴾ (٧) بالزخرف،


(١) أبو جعفر الرعيني، ألف شرح ألفية ابن مالك، بغية الوعاة ١/ ٣٤.
(٢) الصافات: ١٤٥، الأعراف: ١٧١ على الترتيب.
(٣) الشعراء: ١٩٤، الإسراء: ٥٧، يس: ٧٢.
(٤) الأعراف: ١٥، الإسراء: ٢٠، البقرة: ٥٧.
(٥) البقرة: ٢، الأعراف: ٢٢.
(٦) آل عمران: ١٠٣، الأعراف: ٨٦.
(٧) الزخرف: ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>