للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرّاء: قد ضارعت بتفخيمها الحروف المستعلية، وهل التّكرير صفة لازمة لها أو لا؟، فابن شريح في آخرين على الأوّل، وهو مذهب سيبويه (١)، وذهب الجعبري في آخرين إلى أن وصفها بالتّكرير معناه أنّها قابلة له لا أنّها مكرّرة بالفعل، بل بالقوة، كما مرّ في الصّفات، فتكريره لحن، فيجب التّحفّظ عنه لا به، وطريق السّلامة منه أن يلصق اللاّفظ به ظهر لسانه بأعلى حنكه لصقا محكما، ومتى ارتعد حدث من كلّ مرّة راء، فيجب التّحفّظ بها، خصوصا إذا شدّدت، ك ﴿الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ﴾ من غير مبالغة (٢).

وللرّاء حكم بحسب التّرقيق والتّفخيم يأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى في الأصول.

والطّاء المهملة: من أقوى الحروف، لما فيه من صفات القوّة، فإذا تكرّرت نحو: ﴿شَطَطاً﴾ (٣) وجب بيانها لتشديدها في نحو: ﴿اِطَّيَّرْنا﴾، ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا﴾ (٤)، فإن سكنت نحو: ﴿الْخَطْفَةَ﴾، ﴿وَأَطْغى﴾ (٥)، ونحو: ﴿وَالْأَسْباطِ﴾ في الوقف تعيّن بيان إطباقها، وقلقلتها، فإن لحقها تاء ك ﴿بَسَطْتَ﴾، و ﴿أَحَطْتُ﴾ (٦) وجب إدغامها في لاحقها إدغاما غير مستكمل، تبقى معه صفة الإطباق والاستعلاء، لقوّة الطّاء، وضعف التّاء، وهذا كإدغام النّون مع الغنّة [في الواو والياء] (٧)، فالتّشديد متوسط لأجل إبقاء الصّفة، ويأتي مزيد بحث لذلك إن شاء الله تعالى في الإدغام (٨).

والدّال المهملة: لولا الجهر الذي فيها لكانت تاء، ولولا الهمس الذي في التّاء


(١) الكتاب ٤/ ١٣٦.
(٢) النشر ١/ ٢١٨، الرعاية: ١٩٥.
(٣) الكهف: ١٤، الجن: ٤.
(٤) النمل: ٤٧، الحج: ٢٩.
(٥) الصافات: ١٠، النجم: ٥٢ على الترتيب.
(٦) المائدة: ٢٨، النمل: ٢٢ على الترتيب.
(٧) ما بين المعقوفين زيادة من كل المخطوطات سقطت من (الأصل ق، ط)، يقتضيها السياق.
(٨) النشر ١/ ٢٢٠، الرعاية: ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>