للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في ﴿فَقالُوا رَبَّنا باعِدْ﴾ (١) فابن كثير وأبو عمرو وهشام بنصب باء ﴿رَبَّنا﴾ على النّداء، و ﴿باعِدْ﴾ بكسر العين المشددة وتسكين الدّال من غير ألف فعل طلب أشرا منهم وبطرا، وافقهم ابن محيصن واليزيدي، وقرأ يعقوب «ربّنا» بضمّ الياء على الابتداء، و «باعد» بالألف وفتح العين والدّال خبر، والمعنى على هذه القراءة: شكوى بعد أسفارهم التي طلبوها أولا على قربها ودنوها، وقرأ الباقون «ربنا» بالنّصب «بعد» بالألف وكسر العين وسكون الدّال فعل طلب أيضا من المفاعلة، وعلى قراءة التّشديد والألف ف ﴿بَيْنَ﴾ مفعول به لأنّهما فعلان متعديان وليس ﴿بَيْنَ﴾ ظرفا، ومعنى الآية: أنّهم لمّا بطروا نعمة ربهم وسألوا انتقالها جازاهم جزاء من كفر نعمه إلى أن صاروا مثلا، فقيل: تفرقوا أيادي سبأ كما قال تعالى ﴿فَجَعَلْناهُمْ أَحادِيثَ﴾، وقال كثير (٢):

أيادي سبا يا عزّ ما كنت بعدكم … فلم يحل للعينين بعدك منظر

وأمال ﴿أَسْفارِنا﴾ (٣) أبو عمرو، وابن ذكوان من طريق الصّوري، والدّوري عن الكسائي، وافقهم اليزيدي، وقرأ ورش من طريق الأزرق بين اللفظين، وبه قرأ نافع وحمزة، وأبو الحارث من (العنوان)، والباقون بالفتح.

واختلف في ﴿صَدَّقَ﴾ (٤) فعاصم وحمزة والكسائي، وكذا خلف بتشديد


(١) سبأ: ١٩، النشر ٢/ ٣٥٠، المبهج ٢/ ٧٧٠، مفردة الحسن: ٤٤١، مصطلح الإشارات: ٤٣٣، إيضاح الرموز: ٦٠٣، الدر المصون ٩/ ١٧٥.
(٢) البيت من الطويل، وهو لكثير صاحب عزة، واللغة في البيت: أيادي سبا: يعني مبدد النفس والخواطر، لم يحل: لم يرق، لم تجده العينان حلوا، ورويت أيضا «فلن»، والشاهد: "فلم يحل" على أن «لم» جازمة بدليل حذف حرف العلة من «يحلى» ويصح هذا إذا أراد المستقبل، أما إن كان يخبر عن ماض بعد فراقها، فالرواية ب (لم)، انظر: ديوان كثير: ٣٢٨، شرح أبيات المغني ٥/ ١٦٠، شرح الشواهد ١/ ٤٥٥، المعجم المفصل ٣/ ٢٧٤، رصف المباني: ٢٨٨، مغني اللبيب ١/ ٢٨٥.
(٣) سبأ: ١٩.
(٤) سبأ: ٢٠، النشر ٢/ ٣٥١، المبهج ٢/ ٧٧٠، مصطلح الإشارات: ٤٣٤، إيضاح الرموز: -

<<  <  ج: ص:  >  >>