للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن قتيبة فى أوّل تفسير «المشكل» له: "وكان من تيسير الله أن أمر نبيّه أن يقرئ كلّ قوم بلغتهم، وما جرت عليه عادتهم؛ فالهذلي يقرأ: «عتّى عين»، يريد «حتى حين»، والأسدي يقرأ: «تعلمون» بكسر أوّله، والتميمي: يهمز، والقرشي:

لا يهمز"، قال: "ولو أراد كلّ فريق منهم أن يزول عن لغته وما جرى على لسانه لشقّ عليه غاية المشقة، فيسر الله عليهم ذلك بمنّه" (١).

وقال ابن عبد البر: "أنكر أكثر أهل العلم أن يكون معنى الأحرف: اللّغات لما تقدّم من اختلاف هشام وعمر ولغتهما واحدة، قالوا: وإنّما المعنى سبعة أوجه من المعاني المتّفقة بالألفاظ المختلفة نحو: أقبل، وهلم، وتعال" (٢) اه.

قال الحافظ ابن حجر: "ويمكن الجمع بين القولين بأن يكون المراد بالأحرف تغاير الألفاظ مع اتفاق المعنى مع انحصار ذلك في سبع لغات، لكن لاختلاف القولين فائدة أخرى وهي ما نبّه عليه أبو عمرو الدّاني: أنّ الأحرف السّبعة ليست متفرقة في القرآن كلّها، ولا موجودة فيه في ختمة واحدة، فإذا قرأ القارئ بقراءة من القراءات أو برواية من الروايات فإنّما قرأ ببعض الأحرف السبعة لا بكلّها، وهذا إنّما يتأتّى على القول بأنّ المراد بالأحرف اللغات، وأمّا على قول من يقول بالآخر فيتأتّى ذلك في ختمة واحدة بلا ريب؛ بل يمكن على ذلك القول أن تحصل الأوجه السّبعة في بعض/القرآن" (٣).

واعلم أنّ الاختلاف في الأحرف السّبعة اختلاف تنوع وتغاير؛ لا تضاد وتناقض، إذ هو محال أن يكون في كتاب الله: ﴿أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اِخْتِلافاً كَثِيراً﴾ (٤)، ولا يخلوا الاختلاف من ثلاثة أحوال لأنه:


(١) مشكل القرآن، ابن قتيبة: ٣٠ بتصرف.
(٢) التمهيد، ابن عبد البر ٥/ ٤٥٩، والنقل بتصرف.
(٣) انظر: جامع البيان للداني: ٢٣ والنص منه بتصرف، الفتح ٩/ ٢٨، والنشر ١/ ٤٢.
(٤) النساء: ٨٢، وانظر فتح الباري ٩/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>