للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن قال القاضي الباقلاني فيما عزاه له في فتح الباري:" إن ظاهر قوله - تعالى -:

﴿إِنّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا﴾ (١) أنّه نزل بجميع ألسنة العرب، ومن زعم أنّه أراد مضر دون ربيعة، أو هما دون اليمن، أو قريشا فعليه البيان، لأنّ اسم العرب يتناول الجميع تناولا واحدا، ولو ساغت هذه الدّعوى لساغ لآخر أن يقول: "نزل بلسان بني هاشم مثلا"، لأنّهم أقرب نسبا إلى النّبي من سائر قريش " (٢).

ونقل العلامة أبو شامة عن بعضهم:" أنّه نزل أولا بلسان قريش ومن جاورهم/ من العرب الفصحاء، ثمّ أبيح للعرب أن يقرؤه بلغاتهم التي جرت عادتهم باستعمالها على اختلافهم في الألفاظ والإعراب " (٣) انتهى.

ويدل على ما قاله ما ثبت أنّ ورود التّخفيف كان بعد الهجرة كما في حديث أبيّ بن كعب:" أنّ جبريل لقي النّبي وهو عند أضاة بني غفّار فقال: "إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف فقال: "أسأل الله معافاته ومغفرته فإن أمتي لا تطيق ذلك … الحديث"، رواه مسلم (٤).

وأضاة بني غفار بفتح الهمزة، والضّاد المعجمة بغير همز، وآخره تاء تأنيث:

موضع بالمدينة النبوية نسب لبني غفار بكسر المعجمة.

وحاصل ما ذهب إليه هؤلاء أنّ معنى قوله: أنزل على سبعة أحرف: أي أنزل توسعا على القارئ أن يقرأه على سبعة أوجه أي يقرأ بأيّ حرف أراد منها، على البدل من صاحبه كأنّه قال: "أنزل على هذا الشرط أو على هذه التوسعة، وذلك لتسهل قراءته".


(١) الزخرف: ٣.
(٢) فتح الباري ٩/ ٩.
(٣) المرشد الوجيز: ٩٥، والإتقان ١/ ٣٢١ وما بعدها، وانظر: فتح الباري ٩/ ٩ والنقل بتصرف يسير.
(٤) الحديث أخرجه مسلم ١/ ٥٦٢ (٨٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>