للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقوله:

من رآها بعينها شاقه القطا ... ن فيها كما تشوق الحمول

يقول: من رأى الدنيا بالعين التي يجب أن ينظر إليها بها فإنه يراها زرية, فالعين في هذا الوجه للإنسان, ويجوز أن تكون العين الدنيا من قولهم: هذا عين الشيء؛ أي حقيقته, فيكون المعنى: من رأى الدنيا بحقيقة نفسها شاقه القطان, وهم جمع قاطن أي مقيم, كما تشوق الحمول؛ أي القوم المتحملون, وأكثر ما تستعمل الحمول في الأحمال, ثم يصير ذلك أمرًا عامًا للأحمال وغيرها من المتحملين. يقول: يجب أن يشوق القطان من هو معهم؛ لأنه يعلم أنهم مفارقوه لا محالة؛ فيحق له أن يأسف لذلك.

وقوله:

إن تريني أدمت بعد بياضٍ ... فحميد من القناة الذبول

يقال: أدم الرجل وأدم إذا تغير لونه فاسمر من بعد بياض, ولذلك قالوا: لاحته الشمس أي غيرت لونه. يقول: إن كان لوني تغير؛ فالقناة يحمد سمرتها وذبولها.

وقوله:

صحبتني على الفلاة فتاة ... عادة اللون عندها التبديل

يعني بالفتاة الشمس, وهي قديمة كأنها فتاة لم يغيرها القدم, ويجوز أن يجعلها فتاة؛ لأنها تطلع كل يوم فكأنها شيء محدث. وقوله: عادة اللون عندها التبديل أي تغيره.

وقوله:

سترتك الحجال عنها ولكن ... بك منها من اللمى تقبيل

اللمى: سمرة الشفتين وسوادهما, ومنه قولهم: ظل ألمى وشجرة لمياء إذا كانت ذات ظل, قال حميد بن ثورٍ: [الطويل]

إلى شجرٍ ألمى الظلال كأنه ... رواهب أحرمن الشراب عذوب

يريد أنك مستورة عن هذه الفتاة, لا تغيرك فكأنها قبلتك فصيرت اللمى في شفتيك.

<<  <   >  >>