مقدَّمًا، والثاني يسمى تاليًا. وهذا في المتصلة لا خلاف فيه.
وقيل في المنفصلة أيضًا كذلك، وقيل لا يسمى جزآها مقدَّمًا وتاليًا؛ لأنها لم يكن أحد طرفيها مرتبًا على الآخر، فالتقديم والتأخير فيها موكول إلى اختيار المتكلم.
فلو قلت:(العدد إما زوج وإما فرد) فلا فرق بين ذلك وبين قولك: (العدد إما فرد وإما زوج)، فلك أن تقدم من الطرفين ما شئت وتؤخره.
بخلاف المتصلة؛ فإنه لو أُخِّر المقدمُ لم تصدق لزومًا، ولو صدقت في بعض الصور لخصوص المادة (١).
فقولك:(لو كان هذا إنسانًا لكان حيوانًا) صحيح، ولو عكست فقلت:(لو كان هذا حيوانًا لكان إنسانا) كان كاذبًا. فتبين أن كونه إنسانًا مقدم، وكونه حيوانًا تالٍ على الحقيقة. بخلاف المنفصلة كما مثلنا.
التنبيه الثالث: اعلم أنه تأتي في اللغة العربية قضايا على هيئة الشرطية المتصلة وهي مقبولة في اللغة العربية، بل معدودة من بديعها المعنوي عند أهلها، مع أن الربط بين طرفيها كاذب؛ وذلك لسر آخر من أسرار العربية، لا يجري مثله في فن المنطق.
(١) كقولك: (لو كان هذا إنسانًا لكان ناطقًا) (لو كان هذا ناطقًا لكان إنسانًا)؛ لأن النسبة بين الإنسان والناطق هي التساوي.