وكذلك قوله -تعالى-: {لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ}، لأن سبب بروزهم إلى مضاجعهم شيء آخرُ غيرُ مذكور في الآية، وهكذا.
ومن الأسباب المستوجبة لكون الشرطية اتفاقيةً هو رفع ما يحصل في الوهم من المنافاة بين قضيتين، فيبين بالمتصلة الاتفاقية أنهما لا منافاة بينهما، فالكفار مثلًا كانوا يتوهمون أن كينونتهم في بيوتهم تنافي بروزهم إلى مضاجعهم، ويظنون أنها تنجيهم من القتل، كما ذكر -تعالى- عنهم بقوله:{يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا}[آل عمران: ١٥٤]. وقوله -تعالى-: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا}[آل عمران: ١٦٨](١)، فبين -تعالى- عدم المنافاة بين بقائهم في بيوتهم وبين بروزهم إلى مضاجعهم التي كتب عليهم أن يقتلوا فيها، وهكذا.
تنبيهات:
الأول: اعلم أن التحقيق أن الصدق والكذب في الشرطية المتصلة إنما يكون بحسب صحة الربط بين المقدم والتالي وعدم صحته، فإن كان الربط صحيحًا كانت صادقة، وإن كان الربط غير صحيح كانت كاذبة، ومن أجل أن الصدق والكذب إنما يتواردان على الربط بين المقدَّم والتالي يصح أن تكون صادقة مع كذب طرفيها لو أزيلت أداة الربط.