ثم أخذت تحذر فقالت: لا تغزونهم ولا تستشعرون ذلك فيهم.
لا تغزون الدهر آل مطرف ... لا ظالماً أبداً ولا مظلوما
قوم رباط الخيل وسط بيوتهم ... وأسنة زرق يخلن نجوماً
ومخرق عنه القميص تخاله ... وسط البيوت من الحياء سقيما
حتى إذا رفع اللواء رأيته ... تحت اللواء على الخميس زعيماً
نهته عن غزوهم على كل حال. وانتصب ظالماً على الحال. فيقول لا تقصدهم طامعاً فيهم ومحارباً لهم، لا منتقماً ولا مبتدئاً، فإنك لا تطيقهم، إذ كان همهم الغزو، ومربط خيولهم وسط بيوتهم، يضمرونها ويتفرسون على ظهووها، ولا يأتمنون عليها في سياستها وصنعتها إلا أنفسهم، فلا ترى إلا من يهذب آلته للحرب ويصلحها، فمركوبه صنيع، وسنان رمحه مجلو سنين، ونفسه مبتذلة فيما يحصل به أكرومة، لا يهمه مطعوم ولا ملبوس. ثم لفرط حيائه وتناهي كرمه تحسبه وسط بيوت الحي سقيماً، قلة كلام ولين جانب، وضعف مجاذبة، فإذا نصب لواء الجيش مجهزاً لطلب وتر، وانتواء غزو، أو محاماة على ولي، أو سد ثغر، رأيته مهيأ للزعامة، معتمداً للرياسة والسياسة، غير مزاحم ولا مدافع.
وقال آخر:
نحن الأخايل لايزال غلامنا ... حتى يدب على العصا مذكورا
تبكي السيوف إذا فقدن أكفنا ... جزعاً وتعلمنا الرفاق بحورا
ولنحن أوثق في صدر نسائكم ... منكم إذا بكر الصراخ بكورا
الأخايل جمع، وهي قبيلتها. ويقال للشاهين الأخيل، والجميع الأخايل. فأما قول الشاعر: