للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وتكلَّموا في معاني شعره مما اخترعه وانفَردَ بالإغراب فيه وأبدعه وخَفِي عليهم بعضُه فلم يتبيَّن لهم غَرَضُه المقصود لبعد مرماه.

أمّا القاضي أبو الحَسَن فإنه ادَّعى التوسُّط بينَ صَاغِنَةِ المتنبيِّ ومُحبِّيه، وذكر أن قومًا مالوا إليه حتى فَضَّلوه في الشعر على جميع أهل زمانه، وقوما لم يَعُدُّوه من الشُّعراء وأَزْرَوْهُ بالشِّعر غايةَ الإزراء حتى قالوا: إنه لا ينطِقُ إلا بالهراء ولا (١) يتكلم إلا بالكلمةِ العَوْراء ومعانيه كلها مسروقةٌ، فتوسَّط بين الخَصْمَيْن وذَكَر الحقَّ من القولَيْن.

وأمّا ابن جِنِّي فإنه كان من الكبار في صنعة الإعراب والتصريف غير أنه إذا تكلّم في المعاني تبلد حمارُه، ولقد استهدف في كتاب "الفَسْر" غرَضًا للمطاعن، إذ قد حَشَاه بالشَّواهدِ الكثيرة التي لا حاجة بها المُستغنى عنها في صَنْعة الإعراب، ومن حق المصنف أن يكون كلامه مقصورًا على المقصود بكتابه وبما يتعلق به من أسبابه غير عادل إلى ما لا يُحتاجُ إليه ثم إذا انتهى به الكلام إلى بيان المعاني عاد طويل كلامه قصيرًا.

وأمّا ابن فُورَّجة فإنه كَسَر مُجلَّدتَيْنِ لطيفتين على شرح معاني هذا الدِّيوان سمَّى إحداهما (٢):

٧٣٦٣ - "التَّجَنِّي على ابن جِنِّي"

٧٣٦٤ - والآخر "الفَتْحَ على أبي الفَتْح".

أفاد في الكثير منهما غائصًا على الدُّرر، ثم لم يَخْلُ من ضَعْف القوّة البشَريَّة والسَّهو الذي قلَّما يخلو عنه أحدٌ من البَريَّة. ولقد تصفَّحتُ (٣) كتابيه


(١) في م: "ولم"، والمثبت من خط المؤلف.
(٢) في الأصل: "أحديهما".
(٣) في م: "تصحفت"، خطأ، والمثبت من خط المؤلف.

<<  <  ج: ص:  >  >>