للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيجازي بالمضاعفة ما كان لوجهه (١)، ويكِل جزاءَ من عمل لغيره إلى من عمل له، فإنَّه ظالمٌ لنفسه، وما له من نصير.

ثمَّ أخبر سبحانه عن أحوال المتصدقين لوجهه في صدقاتهم، وأنَّه يثيبهم عليها إن أبدوها أو كتموها بعد أن تكون خالصةً لوجهه فقال: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة/ ٢٧١] أي: فنعم شيئًا (٢) هي، وهذا مدحٌ لها (٣) موصوفةً بكونها ظاهرةً باديةً. فلا يتوهَّم مبديها بطلان أجره (٤) وثوابه، فيمنعه ذلك من إخراجها، وينتظر بها زمن (٥) الإخفاء فيفوت (٦)، وتعترضه الموانع، ويحال بينه وبين قلبه، أو بينه وبين إخراجها. فلا يؤخّرْ صدقة العلانية بعد حضور وقتها إلى وقت السرّ، وهذه كانت حال الصحابة رضي اللَّه عنهم.

ثمَّ قال: {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة/ ٢٧١]. فأخبر أنَّ إعطاءَها الفقير (٧) في خفية خير للمنفق من إظهارها وإعلانها. وتأمَّل تقييده تعالى الإخفاءَ بإيتاء الفقراء خاصَّة. ولم يقل: وإن تخفوها فهو خير لكم، فإنَّ من الصدقة ما لا يمكن إخفاؤها (٨)، كتجهيز جيش وبناءِ قنطرة وإجراء نهر أو غير ذلك. وأمَّا إيتاؤها الفقراء،


(١) "منه مما كان. . . " إلى هنا ساقط من "ك، ط".
(٢) "ب، ك، ط": "شيء".
(٣) زاد في "ب": "لأنها".
(٤) "ك، ط": "أثره"، تحريف.
(٥) "زمن" ساقط من "ط". وفي "ب": "زمنًا يفوت".
(٦) هذه قراءة "ف". وفي "ك، ط": "تفوت". وبعدها فيهما: "أو".
(٧) "ك، ط": "للفقير".
(٨) "ط": "إخفاؤه".