للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأغنياء وأحوالهم، وكيف قسمهم إلى ثلاثة أقسام:

محسنٌ: وهم المتصدّقون، فذكر جزاءَهم ومضاعفته، وما لهم في قرض أموالهم للمليّ الوفيّ. ثمَّ حذَّرهم مما يُبطل ثواب صدقاتهم ويُحرقها بعد استوائها وكمالها من المنّ والأذى، وحذَّرهم مما يمنع ترتّبَ أثرها عليها ابتداءً من الرياءِ. ثمَّ أمرهم بأن يتقرَّبوا (١) إليه بأطيبها، ولا يتيمّموا رديئها (٢) وخبيثها. ثمَّ حذَّرهم من الاستجابة لداعي البخل والفحش، وأخبر أنَّ استجابتهم (٣) لدعوته وثقتهم بوعده أولى بهم.

ثمَّ أخبر (٤) أنَّ هذا من حكمته التي يؤتيها من يشاء من عباده، وأن من أوتيَها فقد أوتي (٥) ما هو خير وأفضل من الدنيا كلّها؛ لأنَّه سبحانه وصف الدنيا بالقلَّة فقال: {قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ} [النساء/ ٧٧]، وقال: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة/ ٢٦٩]، فدلَّ على أنَّ ما يؤتيه عبده من حكمته خيرٌ من الدنيا وما عليها. ولا يعقل هذا كلّ أحد، بل لا يعقله إلا من له لبّ وعقل زكي، فقال: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (٢٦٩)} [البقرة/ ٢٦٩].

ثمَّ أخبر سبحانه أنَّ كل ما أنفقوه من نفقة أو تقرَّبوا به إليه من نذر فإنَّه يعلمه، فلا يضيع (٦) لديه، بل يعلم ما كان لوجهه منه، مما كان لغيره؛


(١) "ك، ط": "أن يتقربوا".
(٢) "ك": "أردها". "ط": "أردأها".
(٣) في الأصل: "استجابته"، سهو.
(٤) "ك، ط": "وأخبر".
(٥) زاد في "ب، ك، ط": "خيرًا كثيرًا: أوتي"، سهوًا أو لعدم التفطن لسياق الكلام.
(٦) قراءة "ف": "ولا يضيع".