للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففي إخفائها من الفوائد: الستر عليه، وعدم تخجيله بين الناس وإقامته مقام الفضيحة، وأن يرى الناس أنَّ يده هي اليد السفلى، وأنَّه فقير (١) لا شيء له، فيزهدون في معاملته ومعاوضته. وهذا قدرٌ زائد من الإحسان إليه بمجرَّد الصدقة، مع تضمّنه الإخلاصَ وعدمَ المراياة (٢) وطلب (٣) المحمدة من الناس. فكان (٤) إخفاؤها للفقير خيرًا (٥) من إظهارها بين الناس.

ومن هذا (٦) مدح النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صدقة السرّ، وأثنى على فاعلها، وأخبر أنَّه أحد السبعة الذين هم في ظلِّ عرش الرحمن يوم القيامة (٧). ولهذا جعله سبحانه خيرًا للمنفق، وأخبر أنَّه يكفر عنه بذلك الإنفاق من سيئاته. ولا يخفى عليه سبحانه أعمالكم ولا نياتكم، فإنَّه بما تعملون خبير.

ثمَّ أخبر أنَّ هذا الإنفاق إنَّما نفعه لأنفسهم، يعود عليهم أحوجَ ما كانوا إليه، فكيف يبخل أحدكم عن نفسه بما نفعه مختصٌّ بها عائد إليها (٨)؟ وأنَّ نفقة المؤمنين إنَّما تكون ابتغاءَ وجهه خالصًا لأنَّها صادرة


(١) "فقير" ساقط من "ك، ط".
(٢) انظر ما سلف في ص (٦٧).
(٣) "ك، ط": "وطلبهم".
(٤) "ك، ط": "وكان".
(٥) في الأصل: "خير" بالرفع، وهو سهو، وكذا في "ف". والمثبت من غيرهما.
(٦) "ب": "ولهذا".
(٧) "ب": "الذين يظلّهم اللَّه في ظلّه يوم القيامة". والإشارة إلى حديث أبي هريرة رضي اللَّه عنه، أخرجه البخاري في كتاب الأذان (٦٦٠) وغيره، ومسلم في الزكاة (١٠٣١).
(٨) "ف": "عليها"، خلاف الأصل.