للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بربوة -وهو المكان المرتفع- لأنَّها (١) أكمل من الجنَّة المستفلة (٢) التي بالوِهاد (٣) والحضيض، لأنَّها إذا ارتفعت كانت بمدرجة الأهوية والرياح، وكانت ضاحيةً للشمس وقت طلوعها واستوائها وغروبها، فكانت أنضجَ ثمرًا وأطيبه وأحسنه وأكثره. فإنَّ الثمار تزداد طيبًا وزكاءً بالرياح (٤) والشمس، بخلاف الثمار التي تنشأ في الظلال. وإذا كانت الجنَّة بمكان مرتفع لم يُخشَ عليها إلا من قلَّة الشُّرب (٥)، فقال تعالى: {أَصَابَهَا وَابِلٌ} [البقرة/ ٢٦٥]، وهو المطر الشديد العظيم القطر (٦)، فأدَّت ثمرتها، وأعطت بركتها، فأخرجت ضعفَي ما يثمر غيرُها، أو ضعفَي ما كانت تثمر، بسبب ذلك الوابل. فهذا حال السابقين المقرَّبين.

{فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ} [البقرة/ ٢٦٥] وهو (٧) دون الوابل، فإنَّه (٨) يكفيها، لكرم منبتها وطيب مغرسها، تكتفي (٩) في إخراج بركتها بالطلّ. وهذا حال الأبرار المقتصدين في النفقة، وهم درجات عند اللَّه.

فأصحاب الوابل أعلاهم درجة، وهم الذين ينفقون أموالهم بالليل


(١) "ط": "فإنها".
(٢) "ب، ك": "المستقلة"، تصحيف. وهو ساقط من "ط".
(٣) "ف": "كالوهاد" ورسمها في الأصل يشبه ذلك، ولكن الصواب ما أثبتنا من غيرها. وفي "ب": "هي بالوهاد".
(٤) "بالرياح" سقطت من "ف" سهوًا.
(٥) "ك، ط": "قلة الماء والشراب"!
(٦) "ك، ط": "القدر"، تحريف.
(٧) "ط": "فهو"، خطأ.
(٨) "ك، ط": "فهو".
(٩) كذا في الأصل وغيره. وفي "ط": "فتكتفي".