للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمَّ قال: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (٢٦٥)} [البقرة/ ٢٦٥].

وهذا مثل الذي مصدر نفقته عن الإخلاص والصدق، فإنَّ ابتغاء مرضاته هو غاية الإخلاص (١)، والتثبيت من النفس هو الصدق في البذل. فإنَّ المنفِق تعترضه (٢) عند إنفاقه آفتان إن نجا منهما كان مَثلُه ما ذكر (٣) في هذه الآية:

إحداهما: طلبُه بنفقته محمدةً أو ثناءً أو غرضًا من أغراضه الدنيوية، وهذا حال أكثر من المنفقين.

والآفة الثانية: ضعفُ نفسه بالبذل (٤) وتقاعسها وتردّدها: هل تفعل أم لا؟

فالآفة الأولى تزول بابتغاء مرضاة اللَّه، والآفة الثانية تزول بالتثبيت، فإنَّ تثبيتَ النفس تشجيعُها وتقويتها والإقدام بها على البذل، وهذا هو صدقها. وطلب مرضاة اللَّه إرادة وجهه وحده، وهذا (٥) إخلاصها.

فإذا كان مصدر الإنفاق عن ذلك كان مثله كجنَّة، وهي: البستان الكثير الأشجار، فهو مجتنّ بها أي: مستتر، ليس قاعًا فارغًا. والجنَّة


(١) "غاية" ساقط من "ب، ك، ط".
(٢) هذه قراءة "ف". وفي "ك، ط": "يعترضه".
(٣) "ك، ط": "ذكره".
(٤) "بالبذل" ساقط من "ك، ط".
(٥) "ف": "وفي هذا"، سهو الناسخ.