للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنهار سرًّا وعلانية، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة. وأصحاب الطلّ مقتصدوهم. فمثَّل حال القسمين وأعمالهم بالجنَّة على الربوة، ونفقتهم الكثيرة والقليلة (١) بالوابل والطلّ. وكما أنَّ كلّ واحد من المطرين يوجب زكاءَ أُكُل الجنَّة ونموّه (٢) بالأضعاف، فكذلك نفقتهم -كثيرة كانت أو قليلة- بعد أن صدرت عن ابتغاء مرضاة اللَّه والتثبيت (٣) من نفوسهم، فهي زاكية عند اللَّه نامية مضاعفة.

واختلف في الضعفين، فقيل: ضعفا الشيء مثلاه زائدًا عليه، وضعفه مثله. وقيل: ضعفه مثلاه، وضعفاه ثلاثة أمثاله، وثلاثة أضعافه أربعة أمثاله، كلَّما زاد ضعفًا زاد مثلًا. والذي حمل هذا القائلَ على ذلك فرارُه من استواء دلالة المفرد والتثنية. فإنَّه رأى ضعف الشيء هو مثله الزائد عليه، فإذا ضُمَّ (٤) إلى المثل صار مثلين، وهما الضعف. فلو قيل لهما "ضعفان" لم يكن فرق بين المفرد والمثنى؛ فالضعفان عنده مثلان مضافان إلى الأصل. ويلزم من هذا أن يكون ثلاثة أضعافه ثلاثة أمثال مضافة إلى الأصل، وهكذا أبدًا.

والصواب أنَّ الضعفين هما المثلان فقط: الأصل ومثله. وعليه يدلّ قوله تعالى: {فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ} [البقرة/ ٢٦٥] أي: مثلين، وقوله: {يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ} (٥) [الأحزاب/ ٣٠] أي: مثلين.


(١) "والقليلة" ساقط من "ط".
(٢) "ك، ط": "ونحوه"، تحريف. وفي "ط": "زكاء ثمر الجنة. . . ".
(٣) كلمة "والتثبيت" كأنها مضروب عليها، ولذلك أسقطها ناسخ "ف". ولكن يبدو أنّ المؤلف كتب كلمة ثم أصلحها، وقد انتشر الحبر أيضًا.
(٤) "ط": "زاد"!
(٥) رسم الآية في "ف": "يُضعَّف"، وهي قراءة أبي عمرو. انظر: الإقناع (٧٣٧) =