للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{كَمَثَلِ صَفْوَانٍ} وهو الحجر الأملس. وفيه قولان: أحدهما: أنَّه واحد، والثاني: جمع صفوانة (١). {عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} وهو المطر الشديد {فَتَرَكَهُ صَلْدًا} وهو الأملس الذي لا شيء عليه من نبات ولا غيره.

وهذا من أبلغ الأمثال وأحسنها، فإنَّه تضمّن (٢) تشبيه قلب هذا المنفِق للرياء (٣) الذي لم يصدر إنفاقُه عن إيمانٍ باللَّه واليوم الآخر بالحجر لشدَّته وصلابته وعدم الانتفاع به. وتضمَّن تشبيه ما علِق به من أثر الصدقة بالغبار الذي علِق بذلك الحجر. والوابل الذي أزال ذلك الترابَ عن الحجر وأذهبه (٤) بالمانع الذي أبطل صدقَة هذا (٥) وأزالها، كما يُذهب الوابلُ الترابَ الذي على الحجر فيتركه صلدًا؛ فلا يقدر المنفق على شيءٍ من ثوابه لبطلانه وزواله.

وفيه معني آخر، وهو أنَّ المنفِق لغير اللَّه هو في الظاهر عامل عملًا يترتَّب عليه الأجر، ويزكو له كما تزكو الحبَّة التي إذا بُذرت في التراب الطيِّب أنبتت سبعَ سنابل، في كلِّ سنبلة مائة حبَّة. ولكن وراء هذا الإنفاق مانع يمنع من نموّه وزكائه، كما أنَّ تحت التراب حجرًا (٦) يمنع من نبات ما يبذَر من الحبّ فيه، فلا يُنبت ولا يُخرج شيئًا.


(١) "ك، ط": "صفوة"، تحريف. وانظر: تفسير الطبري (٥/ ٥٢٣).
(٢) "ك، ط": "يتضمن".
(٣) "ك، ط": "المنفق المرائي".
(٤) هذه قراءة "ف". وفي غيرها: "فأذهبه".
(٥) "ك، ط": "صدقته".
(٦) في الأصل: "حجر" بالرفع، وهو سهو. وكذا في النسخ الأخري. وفي "ط" كما أثبتنا.