فقال عمرو: إن خالدا أدرك من قبله وأتعب من بعده بقديم غلب عليه وحديث لم يسبق إليه؛ فقال الحجّاج معتذرا: يا بن عتبة، إنا لنسترضيكم بأن نغضب عليكم، ونستعطفكم بأن ننال منكم، وقد غلبتم على الحلم، فوثقنا لكم به، وعلمنا أنكم تحبون أن تحلموا، فتعرّضنا للذي تحبّون.
قال المنصور لرجل أتاه نائبا معتذرا من ذنب: عهدي بك خطيبا فما هذا السكوت! فقال: يا أمير المؤمنين؛ لسنا وفد مباهاة «١» وإنما نحن وفد توبة، والتوبة تتلقّى بالاستكانة «٢» .
وقع بين أبي مسلم وبين قائد له كلام، فأربى «٣» عليه القائد إلى أن قال له: يا لقيط! فأطرق أبو مسلم، فلما سكتت عنه فورة الغضب ندم وعلم أنه قد أخطأ واعتذر وقال: أيها الأمير، والله ما انبسطت حتى بسطتني ولا نطقت حتى أنطقتني فاغفر لي؛ قال: قد فعلت؛ فقال: إني أحبّ أن أستوثق لنفسي؛ فقال أبو مسلم: سبحان الله! كنت تسيء وأحسن، فلما أحسنت أسي!.
قال الطّائي:[طويل]
وكم ناكث للعهد قد نكثت به ... أمانيه واستخذى بحقّك باطله «٤»
فحاط له الإقرار بالذنب روحه ... وجثمانه إذ لم تحطه قبائله «٥»