«كان خلقه القرآن» ؛ استحياء من سبحات الجلال، وسترا للحال بلطيف المقال، وهذا من وفور عقلها وكمال أدبها. انتهى.
فكما أنّ معاني القرآن لا تتناهى؛ فكذلك أوصافه الجميلة الدّالّة على خلقه العظيم لا تتناهى؛ إذ في كلّ حالة من أحواله يتجدّد له من مكارم الأخلاق ومحاسن الشّيم وما يفيضه الله عليه من معارفه وعلومه ما لا يعلمه إلا الله تعالى!! فإذن:
التعرّض لحصر جزئيّات أخلاقه الحميدة تعرّض لما ليس من مقدور الإنسان، ولا من ممكنات عاداته. انتهى؛ من «المواهب» .
وقال في «الإحياء» : (وإنّما أدّبه القرآن بمثل قوله تعالى) في سورة الأعراف (خُذِ الْعَفْوَ) من أخلاق الناس وأعمالهم؛ من غير تجسّس، وذلك مثل قبول الاعتذار منهم، وترك البحث عن الأشياء. والعفو: المساهلة في كلّ شيء (وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ) المعروف؛ يعني: وأمر بكلّ ما أمرك الله به، وهو كلّ ما عرفته بالوحي من الله عزّ وجلّ، وكل ما يعرف في الشرع حسنه، (وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩)) .
وقد نظم هذا المعنى من قال:
خذ العفو وأمر بعرف كما ... أمرت وأعرض عن الجاهلين
ولن في الكلام لكلّ الأنام ... فمستحسن من ذوي الجاه لين
والجاهلون في الآية!!
إن فسّروا بضعفاء الإسلام وجفاة الأعراب؛ كانت الآية محكمة، لأنّ المراد بالإعراض عنهم ألايعنّفهم، ولا يقابلهم بمقتضى غلظتهم في القول والفعل.
وإن فسّروا بالكفار؟ كانت الآية منسوخة باية السيف، ويكون المراد بالإعراض عنهم تركهم على ما هم عليه. وقد أشار القرطبي للقولين.