للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ ...

ويؤيد القول الأول: ما رواه البخاري من أنّ عيينة بن حصن استأذن له الحرّ بن قيس على عمر بن الخطاب في الدخول، فدخل عليه، وقال له: يا ابن الخطاب؛ ما تعطينا الجزل، ولا تحكم بيننا بالعدل. فغضب عمر رضي الله تعالى عنه، فقال له الحرّ: يا أمير المؤمنين؛ إنّ الله عز وجل قال لنبيه ص خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) [الأعراف] وإنّ هذا من الجاهلين. فما جاوزها عمر رضي الله تعالى عنه؛ وكان وقّافا عند كتاب الله تعالى. فهذا يدلّ على أنّها غير منسوخة، وهو الذي يتبادر إليه كلام صاحب «الجلالين» .

قال جعفر الصادق: ليس في القرآن أجمع لمكارم الأخلاق من هذه الآية؛ روي أنّ النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآية سأل جبريل عن تأويلها؟! فقال له: حتى أسأل العالم بها، ثم ذهب وأتاه، فقال: يا محمد؛ إنّ الله يأمرك أن تصل من قطعك، وتعطي من حرمك، وتعفو عمّن ظلمك.

قال السيوطي: رواه ابن جرير، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ؛ في «تفاسيرهم» ، وابن أبي الدنيا في «مكارم الأخلاق» ، ووصله ابن مردويه من حديث جابر رضي الله تعالى عنه، وعزاه الشيخ قاسم الحنفي للبخاري؛ عن عبد الله بن الزبير في قوله: خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ (١٩٩) أنّه قال:

ما أنزل الله هذه الآية إلا في أخلاق الناس. وله في رواية أخرى تعليقا؛ عن عبد الله قال: أمر الله تعالى نبيه صلّى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أقوال الناس، أو من أخلاق الناس.

انتهى؛ قاله الخفاجي.

(و) أدّبه القرآن بمثل (قوله) تعالى في سورة النحل (. إِنَّ اللَّهَ) - أي:

فيما أنزله تبيانا لكل شيء وهدى وبشرى- (يَأْمُرُ) - آثر صيغة الاستقبال فيه وفي ما بعده لإفادة التجدّد والاستمرار- (بِالْعَدْلِ) ؛ أي: التوحيد، أو الإنصاف.

وفي «البيضاوي» : أي بالتوسّط في الأمور؛

<<  <  ج: ص:  >  >>