«إنّما أنا عبد آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد» .
وعن أبي جحيفة ...
الأعاجم يعظّم بعضهم بعضا! (إنّما أنا عبد) ، حصر إضافيّ؛ أي: لست بملك، فإن أريد به الرّقيق فهو استعارة، شبّه نفسه تواضعا لله تعالى بالرّقيق؛ فقوله:(آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد» ) بيان لوجه الشبه، وإن أريد عبد الله، وكلّ الخلق عبيده؛ الملوك وغيرهم!! فالمراد أنّه متمحّض لهذه العبودية؛ لا يشوبها بشيء من أمور الدنيا، ولا يتخلّق بشيء من أخلاق أهلها؛ في جلوس وأكل وغيرهما، بل كان يجلس على الأرض، ولا يأكل على خوان، ولا يغلق عليه باب، وليس له بوّاب، ويأكل مستوفزا.
وأخرج البزّار من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما:«إنّما أنا عبد آكل كما يأكل العبد» . ولأبي يعلى؛ من حديث عائشة:«آكل كما يأكل العبد، وأجلس كما يجلس العبد» . وإسنادهما ضعيف.
(و) أخرج البخاريّ والترمذيّ (عن أبي جحيفة) - بجيم مضمومة ثمّ حاء مهملة مفتوحة؛ مصغّرا- وهب بن عبد الله، ويقال: وهب بن وهب السّوائي- بضمّ السّين المهملة، وتخفيف الواو، وبالمد- منسوب إلى سواة بن عامر بن صعصعة:
صحابيّ كوفيّ، توفي النّبيّ صلّى الله عليه وسلم؛ وهو صبي لم يبلغ.
وكان عليّ بن أبي طالب يكرم أبا جحيفة ويسمّيه «وهب الخير» ، و «وهب الله» ، وكان يحبّه ويثق به، وجعله على بيت المال بالكوفة، وشهد معه مشاهده كلّها، ونزل الكوفة؛ وابتنى بها دارا.
روي له عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلم خمسة وأربعون حديثا؛ اتفق البخاريّ ومسلم على حديثين، وانفرد البخاري بحديثين، ومسلم بثلاثة.