للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلّى الله عليه وسلّم إذا أراد سفرا.. أقرع بين نسائه، فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها معه.

فيه، أو لأنه أتمّ أيام الأسبوع عددا، لأنه تعالى بثّ الدواب في أصل الخلق؛ فلاحظ الحكمة الربانية، والخروج فيه نوع من بثّ الدوابّ الواقع في يوم المبدأ.

ومحبّته لا تستلزم المواظبة عليه، فقد خرج مرّة يوم السبت!! ولعله كان يحبّه أيضا، كما ورد في خبر آخر: «اللهمّ؛ بارك لأمّتي في سبتها وخميسها» . وفي البخاري أيضا: أنّه كان قلّما يخرج إذا خرج في السّفر إلّا يوم الخميس. وفي رواية للشيخين معا: ما كان يخرج إلّا يوم الخميس. قاله المناوي في «شرح الجامع» .

(و) في «الصحيحين» وغيرهما في «حديث الإفك» ؛ عن عائشة رضي الله تعالى عنها- وروي عن غيرها أيضا- أنّه (كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم إذا أراد سفرا) لنحو غزو (أقرع بين نسائه) ؛ تطييبا لنفوسهنّ، وحذرا من الترجيح بلا مرجّح؛ عملا بالعدل، لأن المقيمة؛ وإن كانت في راحة لكن يفوتها الاستمتاع بالزوج، والمسافرة؛ وإن حظيت عنده بذلك تتأذّى بمشقّة السفر، فإيثار بعضهنّ بهذا وبعضهنّ بهذا اختيارا عدول عن الإنصاف. ومن ثمّ كان الإقراع واجبا، لكن محلّ الوجوب في حقّ الأمّة؛ لا في حقّه عليه الصلاة والسلام، لعدم وجوب القسم عليه؛ كما نبّه عليه ابن أبي جمرة؛ قاله المناوي. وفيه أن المقرّر في كتب الفقه الشافعي: أنّ القسم واجب عليه. (فأيّتهنّ) - بتاء التأنيث- أي: أيّة امرأة منهن (خرج سهمها خرج بها معه) في صحبته، وهذا أوّل حديث الإفك، وبقيّته- كما في البخاري-: وكان يقسم لكلّ امرأة منهنّ يومها وليلتها، غير أنّ سودة بنت زمعة وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلّم؛ تبتغي بذلك رضاء الله ورسوله. هكذا ذكره في «كتاب الهبة» .

وفيه حلّ السفر بالزوجة، وخروج النساء في الغزوات، وذلك مباح إذا كان العسكر تؤمن عليه الغلبة، وكان خروج النساء مع المصطفى صلى الله عليه وسلّم في الجهاد فيه مصلحة بيّنة لإعانتهنّ على ما لا بدّ منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>