للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال تعالى: وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ صلّى الله عليه وسلّم.

وكان صلّى الله عليه وسلّم يحبّ أن يسافر يوم الخميس.

الشاعر، ويقول: الأولى تقديم «الإسلام» .

قال المناوي: وإنما كان صلى الله عليه وسلّم يتمثّل به!! لأن الشيب نذير الموت، والموت يسنّ إكثار ذكره؛ لتتنبّه النفس من سنة الغافلة، فيسنّ لمن بلغ سنّ الشيب أن يعاتب نفسه ويوبّخها بإكثار التمثّل بذلك، وفيه جواز إنشاد الشعر له صلى الله عليه وسلّم؛ لا إنشاؤه.

(قال تعالى وَما عَلَّمْناهُ) - أي: النبي صلى الله عليه وسلّم- (الشّعر) - ردّ لقولهم «إنّ ما أتى به من القرآن شعر» ، فالمعنى ليس القرآن بشعر، لأن الشعر كلام متكلّف موضوع، ومقال مزخرف مصنوع؛ منسوج على منوال الوزن والقافية، مبنيّ على خيالات وأوهام واهية، فأين ذلك من التنزيل الجليل المنزّه عن مماثلة كلام البشر، المشحون بفنون الحكم والأحكام الباهرة، الموصل إلى سعادة الدنيا والآخرة!! - (وَما يَنْبَغِي لَهُ) أي: لا يصحّ منه، ولا يتأتّى له، أي: جعلناه بحيث لو أراد إنشاءه لم يقدر عليه، أو أراد إنشاده لم يقدر عليه أيضا بالطبع والسجية، لأنّه لو كان ممن يقول الشعر لتطرّقت إليه التّهمة عقلا في أنّ ما جاء به من عند نفسه.

قال العلماء: ما كان يتّزن له (صلى الله عليه وسلّم) بيت شعر، وإن تمثّل ببيت شعر جرى على لسانه مكسّرا.

قال القرطبي: وإصابة الوزن منه صلى الله عليه وسلّم في بعض الأحيان!! لا توجب أنّه يعلم الشعر، كقوله «أنا النّبيّ لا كذب ... أنا ابن عبد المطّلب» . على أن التمثل بالبيت لا يوجب أن يكون قائله عالما بالشعر، ولا أن يسمّى «شاعرا» باتفاق العلماء، كما أنّ من خاط ثوبا على سبيل الاتفاق لا يكون خيّاطا. انتهى.

(و) أخرج الطبراني في «الكبير» - بسند فيه خالد بن إياس وهو متروك؛ كما قال الحافظ الهيثمي وغيره- عن أمّ سلمة رضي الله تعالى عنها قالت:

(كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم يحبّ أن يسافر يوم الخميس) ، لأنّه بورك له ولأمّته

<<  <  ج: ص:  >  >>