وكان صلّى الله عليه وسلّم يستثني في يمينه تارة، ويكفّرها تارة، ويمضي فيها تارة أخرى.
نفوه على أتمّ الوجوه وأكملها، وقوله «عالم الغيب ... » الخ تقوية للتأكيد، لأن تعقيب القسم بجلائل نعوت المقسم به يؤذن بفخامة شأن المقسم عليه؛ وقوّة إثباته، وصحّته، لما أنّ ذلك في حكم الاستشهاد على الأمر.
(و) الثالث، في سورة التغابن في (قوله) تعالى زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا (قُلْ بَلى) - من المعلوم أنّ «بلى» تنقض النفي وتثبت المنفيّ. فالمعنى هنا: قل بلى تبعثون (وَرَبِّي) . فقوله (لَتُبْعَثُنَّ) هو المفاد بها، وإنما أعيد!! توصّلا لتوكيده بالقسم، ولعطف قوله ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧) .
(و) في «كشف الغمة» للعارف الشعراني: (كان) رسول الله (صلى الله عليه وسلّم يستثني في يمينه تارة) ؛ أي: يعقّب اليمين بقول «إن شاء الله» ونحوه، كقوله في حديث أبي موسى الأشعري:«إنّي- والله- إن شاء الله؛ لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلّا أتيت الّذي هو خير، وتحلّلتها» متفق عليه.
قال في «شرح مسلم» : ويشترط لصحّة هذا الاستثناء شرطان؛
أحدهما: أن يقوله متّصلا باليمين.
والثاني: أن يكون نوى قبل فراغ اليمين أن يقول «إن شاء الله»
قال القاضي عياض: أجمع المسلمون على أن قوله «إن شاء الله» يمنع انعقاد اليمين بشرط كونه متّصلا. انتهى.
(ويكفّرها تارة، ويمضي فيها تارة أخرى) ؛ بأن لا يحنث.
روى البخاريّ؛ عن أنس رضي الله عنه: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم من نسائه؛ وكانت انفكّت رجله، فأقام في مشربة «١» تسعا وعشرين ليلة، ثم نزل. فقالوا: يا رسول