للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومدحه بعض الشّعراء فأثاب عليه، ومنع الثّواب في حقّ غيره، وأمر أن يحثى في وجوه المدّاحين التّراب.

الله؛ آليت شهرا!! فقال: «إنّ الشّهر يكون تسعا وعشرين» .

(ومدحه) صلى الله عليه وسلّم (بعض الشّعراء) من الصّحابة، ومنهم كعب بن زهير بن أبي سلمى في قصيدته المشهورة «بانت سعاد» ؛ (فأثاب) صلى الله عليه وسلّم (عليه) ؛ أي:

المدح، فقد ذكر العلماء أنّ كعب بن زهير لما أنشد قصيدة «بانت سعاد» بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو يسمع، ولما وصل إلى قوله:

إنّ الرّسول لسيف يستضاء به ... مهنّد من سيوف الله مسلول

ألقى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم بردته التي كانت عليه، ولذا قال أهل العلم: هذه القصيدة هي التي حقّها أن تسمّى ب «البردة» ، لأن المصطفى صلى الله عليه وسلّم أعطى كعبا بردته الشريفة. وأمّا قصيدة البوصيري!! فحقّها أن تسمّى ب «البرأة» ، لأنه كان أصابه داء الفالج؛ فأبطل نصفه، وأعيا الأطباء، فلما نظمها رأى المصطفى صلى الله عليه وسلّم فمسح بيده عليه فبرئ لوقته.

وقد بذل معاوية رضي الله عنه لكعب في هذه البردة عشرة آلاف من الدراهم؛ فقال: ما كنت لأوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلّم أحدا، فلما مات كعب بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفا من الدراهم فأخذها منهم؛ وهي البردة التي عند السلاطين إلى اليوم. ويقال: إنها التي يلبسها الخلفاء في الأعياد. قال الشامي: ولا وجود لها الآن، لأن الظاهر أنّها فقدت في وقعة التتار.

قال الزرقاني في «شرح المواهب» : وقد جمع اليعمريّ شعراءه الذين مدحوه بالشعر من رجال الصحابة ونسائهم؛ فقارب بهم مائتين. انتهى.

(ومنع الثّواب) ؛ أي: المكافأة والمجازاة (في حقّ غيره) ؛ أي: غير البعض المثاب، لما رأى من المصلحة في المنع.

(وأمر) صلى الله عليه وسلّم (أن يحثى في وجوه المدّاحين التّراب) ؛ بقوله: «احثوا التّراب

<<  <  ج: ص:  >  >>