إنهم يقولون: الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه، ويخشى فيه الناس دون الله هو ميله لزينب، أي أنّ الله- بزعمهم- يعتب عليه عدم التصريح بهذا الميل!.
ونقول: هل الأصل الخلقي أنّ الرجل إذا أحب امرأة لغط بين الناس مشهّرا بنفسه وبمن أحبّ؟ وخصوصا إذا كان ذا عاطفة منحرفة، جعلته يحب امرأة رجل اخر؟.
هل يلوم الله رجلا لأنّه أحبّ امرأة اخر فكتم هذا الحبّ في نفسه، أكان يرفع درجته لو أنّه صاغ فيها قصائد غزل؟.
هذا والله هو السفه!.
وهذا السفه هو ما يريد بعض المغفّلين أن يفسّروا به القران!!.
إنّ الله لا يعاتب أحدا على كتمان حبّ طائش، وإنّما سياق الواقعة هو كما قصصنا عليك.
فالذي أخفاه النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه تأذّيه من هذا الزواج المفروض، وتراخيه في إنفاذ أمر الله به، وخوفه من لغط الناس عند ما يجدون نظام التبني- كما ألفوه- قد انهار.
وقد أفهم الله نبيّه أنّ أمره لا يجوز أن يقفه توهّم شيء ما. وأنّه- بإزاء التكليف الأعلى- لا مفرّ له من السمع والطاعة، شأن من سبقه من المرسلين.
وإذا عدت إلى الاية التي تتضمّن القصة؛ وجدتها ختمت بقوله تعالى:
وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا [الأحزاب: ٣٧] أي من حقه أن يقع حتما.
ثم أعقبها ما يؤكد هذا المعنى:
ما كانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً (٣٨) الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفى بِاللَّهِ حَسِيباً (٣٩) [الأحزاب] .
إنّك عند ما تثبّت قلب رجل تقول له: لا تخش إلا الله.
إنّك لا تقول ذلك له وهو بصدد ارتكاب معصية، إنما تقول ذلك له وهو يبدأ القيام بعمل فاضل كبير، يخالف التقاليد المتوارثة.
وظاهر في هذه الايات كلّها أنّ الله لا يجرّئ نبيّه على التدلّه بحب امرأة،