عَطْفًا عَلَى كَتَبْنا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَخُذْها بَدَلًا مِنْ قَوْلِهِ فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ، وَالضَّمِيرُ فِي فَخُذْها عَائِدٌ عَلَى مَا عَلَى مَعْنَى مَا لَا عَلَى لَفْظِهَا وَأَمَّا إِذَا كَانَ عَلَى إِضْمَارِ فَقُلْنَا فَيَكُونُ عَائِدًا عَلَى الْأَلْواحِ أَيِ الْأَلْوَاحِ أَوْ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْأَشْيَاءِ أَوْ عَلَى التَّوْرَاةِ أَوْ عَلَى الرِّسَالَاتِ وَهَذِهِ احْتِمَالَاتٌ مَقُولَةٌ أَظْهَرُهَا الْأَوَّلُ، وَمَعْنَى بِقُوَّةٍ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ فِعْلُ أُولِي الْعَزْمِ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: بِطَاعَةٍ، وَقَالَ جُوَيْبِرٌ: بِشُكْرٍ، وَقَالَ ابْنُ عِيسَى: بِعَزِيمَةٍ وَقُوَّةِ قَلْبٍ لِأَنَّهُ إِذَا أَخَذَهَا بِضَعْفِ النِّيَّةِ أَدَّاهُ إِلَى الْفُتُورِ، وَهَذَا الْقَوْلُ رَاجِعٌ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أُمِرَ مُوسَى أَنْ يَأْخُذَ بِأَشَدَّ مِمَّا أُمِرَ بِهِ قَوْمُهُ وَقَوْلُهُ بِأَحْسَنِها ظَاهِرُهُ أَنَّهُ أَفْعَلُ التَّفْضِيلِ وَفِيهَا الْحَسَنُ وَالْأَحْسَنُ كَالْقِصَاصِ وَالْعَفْوِ وَالِانْتِصَارِ وَالصَّبْرِ، وَقِيلَ: أَحْسَنُهَا الْفَرَائِضُ وَالنَّوَافِلُ وَحُسْنُهَا الْمُبَاحُ، وَقِيلَ: أَحْسَنُهَا النَّاسِخُ وَحُسْنُهَا الْمَنْسُوخُ وَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْسُوخُ حَسَنًا إِلَّا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ النَّسْخِ أَمَّا بَعْدَ النَّسْخِ فَلَا يُوصَفُ بِأَنَّهُ حَسَنٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ مَشْرُوعًا، وَقِيلَ الْأَحْسَنُ الْمَأْمُورُ بِهِ دُونَ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: عَلَى قَوْلِهِ الصَّيْفُ أَحَرُّ مِنَ الشِّتَاءِ انْتَهَى، وَذَلِكَ عَلَى تَخَيُّلِ أَنَّ فِي الشِّتَاءِ حَرًّا وَيُمْكِنُ الِاشْتِرَاكُ فِيهِمَا فِي الْحُسْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمَلَاذِّ وَشَهَوَاتِ النَّفْسِ فَيَكُونُ الْمَأْمُورُ بِهِ أَحْسَنَ مِنْ حَيْثُ الِامْتِثَالِ وَتَرَتُّبِ الثَّوَابِ عَلَيْهِ وَيَكُونُ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ حَسَنًا بِاعْتِبَارِ الْمَلَاذِّ وَالشَّهْوَةِ فَيَكُونُ بَيْنَهُمَا قَدْرٌ مُشْتَرَكٌ فِي الْحُسْنِ وَإِنِ اخْتَلَفَ مُتَعَلِّقُهُ، وَقِيلَ أَحْسَنُهَا هُوَ أَشْبَهُ مَا تَحْتَمِلُهُ الْكَلِمَةُ مِنَ الْمَعَانِي إِذَا كَانَ لَهَا احْتِمَالَاتٌ فَتُحْمَلُ عَلَى أَوْلَاهَا بِالْحَقِّ وَأَقْرَبِهَا إِلَيْهِ، وَقِيلَ أَحْسُنُ هُنَا لَيْسَتْ أَفْعَلَ التَّفْضِيلِ بَلِ الْمَعْنَى بِحُسْنِهَا كَمَا قَالَ:
بَيْتًا دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ أَيْ عَزِيزَةٌ طَوِيلَةٌ قَالَهُ قُطْرُبٌ وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فَعَلَى هَذَا أُمِرُوا بِأَنْ يَأْخُذُوا بِحُسْنِهَا وَهُوَ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ دُونَ الْمَنَاهِي الَّتِي يَتَرَتَّبُ عَلَى فِعْلِهَا الْعِقَابُ، وَقِيلَ أَحْسَنُ هُنَا صِلَةٌ وَالْمَعْنَى يَأْخُذُوا بِهَا وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الْأَسْمَاءَ لَا تُزَادُ وَانْجَزَمَ يَأْخُذُوا عَلَى جَوَابِ الْأَمْرِ وَيَنْبَغِي تَأْوِيلُ وَأْمُرْ قَوْمَكَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مَنْ أَمْرِ قَوْمِهِ بِأَخْذِ أَحْسَنِهَا أَنْ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها فَلَا يَنْتَظِمُ مِنْهُ شَرْطٌ وَجَزَاءٌ وبِأَحْسَنِها مُتَعَلِّقٌ بِيَأْخُذُوا وَذَلِكَ عَلَى إِعْمَالِ الثَّانِي لِأَنَّ بِأَحْسَنِها مُقْتَضًى لِقَوْلِهِ وَأْمُرْ وَلِقَوْلِهِ يَأْخُذُوا، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ كَوْنَ قَوْلِهِ يَأْخُذُوا مَجْزُومًا عَلَى إِضْمَارِ لَامِ الْأَمْرِ أَيْ لِيَأْخُذُوا لِأَنَّ مَعْنَى وَأْمُرْ قَوْمَكَ قُلْ لِقَوْمِكَ وَذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِ الْكِسَائِيِّ وَمَفْعُولُ يَأْخُذُوا مَحْذُوفٌ لِفَهْمِ الْمَعْنَى أَيْ يَأْخُذُوا أَنْفُسَهُمْ بِأَحْسَنِها وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ زَائِدَةً أَيْ يَأْخُذُوا أَحْسَنَهَا كَقَوْلِهِ لَا يَقْرَأْنَ بِالسُّوَرِ، وَالْوَجْهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute