للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَذْهَبَ الْبَصْرِيِّينَ وَلَا يَتَعَيَّنُ أَنْ يَكُونَ عِوَضًا مِنَ الضَّمِيرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى لِأَنَّ الْجُمْلَةَ خَبَرٌ عَنْ مِنْ فَاحْتَاجَتِ الْجُمْلَةُ إِلَى رَابِطٍ، فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ: أَلْ عِوَضٌ مِنَ الضَّمِيرِ كَأَنَّهُ قِيلَ مَأْوَاهُ، وَقَالَ الْبَصْرِيُّونَ: الرَّابِطُ مَحْذُوفٌ أَيْ هِيَ الْمَأْوَى لَهُ وَظَاهِرُ الْأَلْوَاحِ الْجَمْعُ، فَقِيلَ كَانَتْ سَبْعَةً وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ ثَمَانِيَةٌ ذَكَرَهُ الْكِرْمَانِيُّ، وَقِيلَ: تِسْعَةٌ قَالَهُ مُقَاتِلٌ: وَقِيلَ: عَشْرَةٌ قَالَهُ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ، وَقِيلَ اثْنَانِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ الْفَرَّاءُ، وَهَذَا ضَعِيفٌ لِأَنَّ الدَّلَالَةَ بِالْجَمْعِ عَلَى اثْنَيْنِ قِيَاسًا لَهُ شَرْطٌ مَذْكُورٌ فِي النَّحْوِ هُوَ مَفْقُودٌ هُنَا، وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ: نَزَلَتِ التَّوْرَاةُ وَهِيَ وَقْرُ سَبْعِينَ بَعِيرًا يُقْرَأُ الْجُزْءُ مِنْهَا فِي سَنَةٍ وَلَمْ يَقْرَأْهَا سِوَى أَرْبَعَةِ نَفَرٍ مُوسَى وَيُوشَعُ وَعُزَيْرٌ وَعِيسَى، وَقَدِ اخْتَلَفُوا مِنْ أَيِّ شَيْءٍ هِيَ فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الْعَالِيَةِ زَبَرْجَدٌ، وَعَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ مِنْ يَاقُوتٍ أَحْمَرَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا وَمُجَاهِدٍ مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ، وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ أَيْضًا مِنْ بَرَدٍ، وَعَنْ مُقَاتِلٍ مِنْ زُمُرُّدٍ وَيَاقُوتٍ، وَعَنِ الْحَسَنِ مِنْ خَشَبٍ طُولُهَا عَشْرَةُ أَذْرُعٍ، وَعَنْ وَهْبٍ مِنْ صَخْرَةٍ صَمَّاءَ أُمِرَ بِقَطْعِهَا وَلَانَتْ لَهُ فَقَطَعَهَا بِيَدِهِ وَشَقَّقَهَا بِأَصَابِعِهِ، وَقِيلَ: مِنْ نُورٍ حَكَاهُ الْكِرْمَانِيُّ، وَالْمَعْنَى مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ في شرعيتهم.

مَوْعِظَةً لِلِازْدِجَارِ وَالِاعْتِبَارِ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ مِنَ التَّكَالِيفِ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ وَالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْقَصَصِ وَالْعَقَائِدِ وَالْأَخْبَارِ وَالْمُغَيَّبَاتِ، وَقَالَ ابْنُ جُبَيْرٍ وَمُجَاهِدٌ: لِكُلِّ شَيْءٍ مِمَّا أُمِرُوا بِهِ وَنُهُوا عَنْهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ الْحَلَالُ وَالْحَرَامُ،

وَقَالَ مُقَاتِلٌ كَانَ مَكْتُوبًا فِي الْأَلْوَاحِ إِنِّي أَنَا اللَّهُ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ لَا تُشْرِكُوا بِي شَيْئًا وَلَا تَقْطَعُوا السُّبُلَ وَلَا تَحْلِفُوا بِاسْمِي كَاذِبِينَ فَإِنَّ مَنْ حَلَفَ بِاسْمِي كَاذِبًا فَلَا أُزَكِّيهِ وَلَا تَقْتُلُوا وَلَا تَزْنُوا وَلَا تَعُقُّوا الْوَالِدَيْنِ

وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَفْعُولَ كَتَبْنا أَيْ كَتَبْنَا فِيهَا مَوْعِظَةً مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ قَالَهُ الْحَوْفِيُّ قَالَ نَصَبَ مَوْعِظَةً بِكَتَبْنَا وَتَفْصِيلًا عَطْفٌ عَلَى مَوْعِظَةً لِكُلِّ شَيْءٍ متعلق بتفصيلا انْتَهَى، وَقَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فِي مَحَلِّ النَّصْبِ مَفْعُولُ وَكَتَبْنا ومَوْعِظَةً، وَتَفْصِيلًا بَدَلٌ مِنْهُ وَالْمَعْنَى كَتَبْنَا لَهُ كُلَّ شَيْءٍ كَانَ بَنُو إِسْرَائِيلَ يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ فِي دِينِهِمْ مِنَ الْمَوَاعِظِ وَتَفْصِيلِ الْأَحْكَامِ انْتَهَى، وَيُحْتَمَلُ عِنْدِي وَجْهٌ ثَالِثٌ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَفْعُولُ كَتَبْنا مَوْضِعَ الْمَجْرُورِ كَمَا تَقُولُ أَكَلْتُ مِنَ الرَّغِيفِ، ومِنْ لِلتَّبْعِيضِ أَيْ كَتَبْنَا لَهُ أَشْيَاءَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَانْتَصَبَ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا عَلَى الْمَفْعُولِ مِنْ أَجْلِهِ أَيْ كَتَبْنَا لَهُ تِلْكَ الْأَشْيَاءَ لِلِاتِّعَاظِ وَالتَّفْصِيلِ لِأَحْكَامِهِمْ.

فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ أَيْ فَقُلْنَا خُذْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>