بِفَتْحِهَا. وَكَانَ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ يَتَعَجَّبُ مِنْ قِرَاءَةِ الْكِسَائِيِّ سَعِدُوا مَعَ عِلْمِهِ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَلَا يُتَعَجَّبُ مِنْ ذَلِكَ إِذْ هِيَ قِرَاءَةٌ مَنْقُولَةٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَمَنْ ذَكَرْنَا مَعَهُ. وَقَدِ احْتَجَّ الْكِسَائِيُّ بِقَوْلِهِمْ: مَسْعُودٌ، قِيلَ: وَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّهُ يُقَالُ: مَكَانٌ مَسْعُودٌ فِيهِ، ثُمَّ حُذِفَ فِيهِ وَسُمِّيَ بِهِ، وَقَالَ الْمَهْدَوِيُّ: مَنْ قَرَأَ سَعِدُوا فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَسْعُودٍ، وَهُوَ شَاذٌّ قَلِيلٌ لِأَنَّهُ لَا يُقَالُ سَعَدَهُ اللَّهُ، إِنَّمَا يُقَالُ: أَسْعَدَهُ اللَّهُ. وَقَالَ الثَّعْلَبِيُّ: سَعِدَ وَأَسْعَدَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَانْتَصَبَ عَطَاءً عَلَى الْمَصْدَرِ أَيْ: أُعْطُوا عَطَاءً بِمَعْنَى إِعْطَاءٍ كَقَوْلِهِ: وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً «١» أَيْ إِنْبَاتًا. وَمَعْنَى غَيْرَ مَجْذُوذٍ: غَيْرَ مَقْطُوعٍ، بَلْ هُوَ مُمْتَدٌّ إِلَى غَيْرِ نهاية.
[سورة هود (١١) : الآيات ١٠٩ الى ١١٦]
فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ (١٠٩) وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ (١١٠) وَإِنَّ كُلاًّ لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (١١١) فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَمَنْ تابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٢) وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (١١٣)
وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ (١١٤) وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (١١٥) فَلَوْلا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ (١١٦)
الزُّلْفَةُ قَالَ اللَّيْثُ: طَائِفَةٌ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ، وَالْجَمْعُ الزُّلَفُ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: الزُّلَفُ أَوَّلُ سَاعَاتِ اللَّيْلِ، وَاحِدُهَا زُلْفَةٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَالْأَخْفَشُ، وَابْنُ قُتَيْبَةَ، الزُّلَفُ سَاعَاتُ اللَّيْلِ وَآنَاؤُهُ، وَكُلُّ سَاعَةٍ زلفة. وقال العجاج:
(١) سورة نوح: ٧١/ ١٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute