وبعث عبد الله بن سعد إلى عثمان مالا من مصر وحشد فيه فدخل عمرو، فقال عثمان: هل تعلم أن تلك اللقاح درت بعدك؟ قال عمرو: إن فصالها هلكت.
وفيها: حج عثمان بالناس.
سنة ثمان وعشرين:
قيل: في أولها غزوة قبرس، وقد مرت فروى سيف، عن رجاله، قالوا: ألح معاوية في إمارة عمر عليه في غزو البحر وقرب الروم من حمص، فقال عمر: إن قرية من قرى حمص يسمع أهلها نباح كلابهم وصياح ديوكهم أحب إلي من كل ما في البحر، فلم يزل بعمر حتى كاد أن يأخذ بقلبه، فكتب عمر إلى عمرو بن العاص أن صف لي البحر وراكبه، فكتب إليه: إني رأيت خلقا كبيرا يركبه خلق صغير، إن ركد حرق القلوب، وإن تحرك أراع العقول، يزداد فيه اليقين قلة، والشك كثرة، وهم فيه كدود على عود، إن مال غرق، وإن نجا برق.
فلما قرأ عمر الكتاب كتب إلى معاوية: والله لا أحمل فيه مسلما أبدًا.
وقال أبو جعفر الطبري: غزا معاوية قبرس فصالح أهلها على الجزية.
وقال الواقدي: في هذه السنة غزا حبيب بن مسلمة سورية من أرض الروم.
وفيها: تزوج عثمان نائلة بنت الفرافصة فأسلمت قبل أن يدخل بها.
وفيها: غزا الوليد بن عقبة أذربيجان فصالحهم مثل صلح حذيفة.
وقل من مات وضبط موته في هذه السنوات كما ترى.
سنة تسع وعشرين:
فيها: عزل عثمان أبا موسى عن البصرة بعبد الله بن عامر بن كريز، وأضاف إليه فارس.
وفيها: افتتح عبد الله بن عامر إصطخر عنوة فقتل وسبى، وكان على مقدمته عبيد الله بن معمر بن عثمان التيمي أحد الأجواد؛ وكل منهما رأى النبي ﷺ.
وكان على إصطخر قتال عظيم قتل فيه عبيد الله بن معمر، وكان من كبار الأمراء، افتتح سابور عنوة وقلعة شيراز، وقتل وهو شاب، فأقسم ابن عامر لئن ظفر بالبلد ليقتلن حتى يسيل الدم من باب المدينة، وكان بها يزدجرد بن شهريار بن كسرى فخرج منها في مائة ألف وسار فنزل مرو، وخلف على إصطخر أميرا من أمرائه في جيش يحفظونها. فتقب المسلمون المدينة فما دروا إلا والمسلمون معهم في المدينة، فأسرف ابن عامر في قتلهم، وجعل الدم لا يجري من