فسلمت عليه وقعدت بين يديه فقلت: يا رسول الله ما تقول في دين النصارى? قال: "لا خير فيهم ولا في دينهم" فدخلني أمر عظيم وقلت في نفسي: الذي أقام المقعد لا خير في هؤلاء ولا في دينهم فانصرفت وفي نفسي ما شاء الله وأنزل الله على نبيه ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُون﴾ [المائدة: ٨٢]، فقال النبي ﷺ:"علي بسلمان" فأتاني الرسول وأنا خائف فجئته فقرأ "بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ﴾ ثم قال: "يا سلمان إن الذين كنت معهم وصاحبك لم يكونوا نصارى إنما كانوا مسلمين" فقلت: والذي بعثك بالحق لهو الذي أمرني باتباعك فقلت له: وإن أمرني بترك دينك وما أنت عليه? قال: نعم فاتركه فإنه الحق.
هذا حديث جيد الإسناد حكم الحاكم بصحته.
سعدويه الواسطي وأحمد بن حاتم الطويل وجماعة قالوا: حدثنا عبد الله بن عبد القدوس الرازي، حدثنا عبيد المكتب، حدثني أبو الطفيل عامر بن واثلة، حدثني سلمان الفارسي قال: كنت رجلًا من أهل جي وكان أهل قريتي يعبدون الخيل البلق وكنت أعرف أنهم ليسوا على شيء فقيل لي: إن الذي ترومه إنما هو بالمغرب فأتيت الموصل فسألت، عن أفضل رجل فيها فدللت على رجل في صومعة فأتيته فقلت له: إني رجل من أهل جي وإني جئت أطلب العلم فضمني إليك أخدمك وأصحبك وتعلمني مما علمك الله قال: نعم فأجرى علي مثل ما كان يجري عليه وكان يجري عليه الخل والزيت والحبوب فلم أزل معه حتى نزل به الموت فجلست عند رأسه أبكيه فقال: ما يبكيك? قلت: يبكيني أني خرجت من بلادي أطلب الخير فرزقني الله فصحبتك فعلمتني وأحسنت صحبتي فنزل بك الموت فلا أدري أين أذهب قال: لي أخ بالجزيرة مكان كذا وكذا فهو على الحق فائته فأقرئه مني السلام وأخبره أني أوصيت إليه وأوصيتك بصحبته فلما قبض أتيت الرجل الذي وصف لي فأخبرته فضمني إليه فصحبته ما شاء الله ثم نزل به الموت فأوصى بي إلى رجل بقرب الروم فلما قبض أتيته فضمني إليه فلما أحتضر بكيت فقال: ما بقي أحد على دين عيسى أعلمه ولكن هذا أوان يخرج نبي أو قد خرج بتهامة وأنت على الطريق لا يمر بك أحد إلَّا سألته عنه وإذا بلغك أنه قد خرج فائته فإنه النبي الذي بشر به عيسى وآية ذلك فذكر الخاتم والهدية والصدقة قال: فمات ومر بي ناس من أهل مكة فسألتهم فقالوا: نعم قد ظهر فينا رجل يزعم أنه نبي فقلت لبعضهم: هل لكم أن أكون لكم عبدًا على أن تحملوني عقبة وتطعموني من الكسر? فقال رجل: أنا فصرت له عبدًا حتى قدم بي مكة فجعلني في بستان له مع حبشان