قال للرجل الذي علمه الصلاة:«إذا أردت الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة ثم كبر ثم اقرأ ثم اركع حتى تطمئن راكعا» الحديث. ولفظ التكبير بإطلاقه لا يقع إلا على الله أكبر. ودليلنا على أبي حنيفة من جهة القياس أن هذا ذكر عري من لفظ التكبير فلم يجز في الإحرام أصله إذا قال: اللهم اغفر لي. ودليلنا من جهة القياس على الشافعي أن هذه زيادة في لفظ التكبير ... عن بنية الله أكبر فلم يجز في الإحرام أصله إذا قال: الله الكبير.
[فصل]
واختلف أهل العلم هل من شرط صحة الإحرام أن تكون النية مقارنة للفظ الذي هو التكبير عندنا أو ليس ذلك من شرطه ويجزئ أن تتقدمه بيسير بعد إجماعهم أنه لا يجوز أن تتقدمه بكثير ولا أن يتقدمها اللفظ بيسير ولا كثير، إلى أنه يجوز أن تتقدمه بيسير، وذهب الشافعي إلى أنه لا يجوز أن تتقدمه بيسير ولا كثير، وإلى هذا ذهب عبد الوهاب من أصحابنا، وهو ظاهر قول ابن أبي زيد في رسالته. والدخول في الصلاة بنيه الفرض فريضة، وليس عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في ذلك نص ولا عن أحد من أصحابه المتقدمين، ولو كان ذلك عندهم من فروض الصلاة لتكلموا عليه ولما أغفلوا ذكره ولا وسع أحدا عندهم جهله ولا أجازوا إمامة من يجهله، كما لا تجوز عندهم إمامه من يجهل أن القبلة والمباشرة تنقضان الوضوء وما أشبه ذلك مما أجمعوا عليه ولم يختلفوا فيه وإن كان الخلاف فيه موجودا. والصحيح عندي على مذهبه ومذهبهم أنه ليس من شرط صحة الإحرام مقارنة النية للتكبير، وأنه يجزئ أن تتقدمه بيسير. فإذا قام الرجل إلى الصلاة ولم يجدد النية لها مع الإحرام معا نسيانا فصلاته تامة جائزة لتقدم نيته قبل تشبثه بالصلاة، إذ لا يتصور من القائم للصلاة عدم النية لها، قياسا على قولهم في الغسل والوضوء، وعلى ما أجمع عليه أهل العلم في الصيام للنص الوارد في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. وقد فرق بين الموضعين من خالف في ذلك