وقد قيل إن المراد بقوله فإذا أُحصِن أسلمن على قراءة من قرأ أحصن، لأن العبودية أوجبها الكفر فملكناهن كفارا فقال فإذا أسلمن فعليهن نصف ما على المحصنات، أي الحرائر، من العذاب. وهذا محتمل أيضا، إذ قد يصح في اللغة أن يقول الله عز وجل: من فتياتكم المؤمنات فإذا أحصن بالإسلام كما قال: يا أيها الذين آمنوا. فعلى هذا يكون حد الأمة إذا زنت قبل التزويج وبعد التزويج بالقرآن والحديث، فجلدها قبل التزويج مؤيد للآية ومبين لمعناها. والأول أظهر لوجهين: أحدهما: تقدم نعتهن بالإيمان، فالظاهر أن الإحصان شيء آخر حتى يقوم الدليل على أنه هو.
والثاني: سؤال الصحابة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن الأمة إذا زنت ولم تحصن، لأن في تخصيصهم بالسؤال عما يجب عليها في زناها قبل التزويج دليلا على أنهم علموا الواجب عليها فيه بعد التزويج بقول الله عز وجل فإذا أحصن، وفهم ذلك رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من تخصيصهم بالسؤال. ولو كان معنى قوله فإذا أحصن فإذا أسلمن لقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لا معنى لتخصيصكم بالسؤال، حدها سواء قبل التزويج وبعده، لأنه لو أقرهم على التخصيص وأجابهم عليه دون أن يعلموا حدها بعد التزويج لدل ذلك أن حدها بعد التزويج جلد مائه أو الرجم وذلك ما لا يقوله أحد.
[فصل]
وقول الله عز وجل:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] ظاهره العموم في كل زان وزانية، إلا أنا علمنا أن المراد بها المسلمون دون المشركين بدليل أنها نزلت ناسخة للآية الواردة في المسلمين وهي قَوْله تَعَالَى:{وَاللاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا}[النساء: ١٥] فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عند ورودها:«خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا». وعلمنا أن المراد بها