(عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة) بفتح اللام عبد الرحمن: (أنهما حدثاه عن أبي هريرة، ﵁، قال):
(نعى لنا)، ولأبي الوقت: نعانا (رسول الله ﷺ، النجاشي) نصب مفعول: نعى (صاحب الحبشة) أي: ملكها، وهو منصوب صفة لسابقه (يوم الذي) بالنصب على الظرفية، ويوم نكرة، ولأبي ذر: اليوم الذي (مات فيه فقال):
(استغفروا لأخيكم) في الإسلام أصحمة النجاشي.
١٣٢٨ - وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: "إِنَّ النَّبِيَّ ﷺ صَفَّ بِهِمْ بِالْمُصَلَّى، فَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا".
(وعن ابن شهاب) الزهري بالسند السابق (قال: حدثني) بالإفراد (سعيد بن المسيب، أن أبا هريرة ﵁ قال):
(إن النبي، ﷺ، صف بهم بالمصلّى، فكبر عليه) أي: على النجاشي (أربعًا). لا دلالة فيه على منع الصلاة على الميت في المسجد، وهو قول الحنفية والمالكية، لأنه ليس فيه صيغة نهي، والممتنع عند الحنفية إدخال الميت المسجد، لا مجرد الصلاة عليه حتى لو كان الميت خارج المسجد جازت الصلاة عليه، ويحتمل أنه ﷺ، إنما خرج بالمسلمين إلى المصلّى لقصد تكثير الجمع الذين يصلون عليه، ولإشاعة كونه مات مسلمًا. وقد ثبت في صحيح مسلم: أنه ﷺ، صلّى على سهيل بن بيضاء في المسجد.
فكيف يترك هذا الصريح لأمر محتمل؟ وحينئذ فلا كراهة في الصلاة عليه فيه. بل هي فيه أفضل منها في غيره هذا الحديث، ولأن المسجد أشرف من غيره.
وأجاب المانعون عن حديث سهيل باحتمال أن يكون سهيل كان خارج المسجد، والمصلون داخله. وذلك جائزًا اتفاقًا، وأجيب بأن عائشة استدلّت بذلك لما أنكروا عليها أمرها بالمرور بجنازة
سعد على حجرتها لتصلي عليه، وسلم لها الصحابة، فدلّ على أنها حفظت ما نسوه.
وقد روى ابن أبي شيبة وغيره: أن عمر صلّى على أبي بكر في المسجد، وأن صهيبًا صلّى على عمر في المسجد، زاد في رواية: ووضعت الجنازة في المسجد تجاه المنبر.
قال في الفتح: وهذا يقتضي الإجماع على جواز ذلك اهـ.
وأما حديث من صلّى على جنازة في المسجد فلا شيء له فضعيف والذي في الأصول المعتمدة: فلا شيء عليه، وإن صح وجب حمله على هذا جمعًا بين الروايات، وقد جاء مثله في القرآن كقوله تعالى: ﴿وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا﴾ [الإسراء: ٧]، أو على نقصان الأجر لأن المصلي عليها في المسجد ينصرف عنها غالبًا، ومن يصلّي عليها في الصحراء يحضر دفنها غالبًا، فيكون التقدير: فلا أجر له كامل، كقوله ﵊: "لا صلاة بحضرة طعام".
ووجه المطابقة بين الحديث والترجمة كونه ألحق حكم المصلي بالمسجد بدليل على سبق في العيدين، وفي الحيض من حديث أم عطية: ويعتزل الحيض المصلّى، فدلّ على أن للمصلّى حكم المسجد فيما ينبغي أن يجتنب فيه.
١٣٢٩ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ﵄ "أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ بِرَجُلٍ مِنْهُمْ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا، فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ مَوْضِعِ الْجَنَائِزِ عِنْدَ الْمَسْجِدِ".
[الحديث ١٣٢٩ - أطرافه في: ٣٦٣٥، ٤٥٥٦، ٦٨١٩، ٦٨٤١، ٧٣٣٢، ٧٥٤٣].
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن المنذر) بن عبد الله الحزامي، قال: (حدّثنا أبو ضمرة) بفتح الضاد المعجمة وسكون الميم وبالراء، أنس بن عياض (قال: حدّثنا موسى بن عقبة) بضم العين وسكون القاف (عن نافع) مولى ابن عمر بن الخطاب (عن عبد الله بن عمر، ﵄).
(أن اليهود) من أهل خيبر (جاؤوا) في السنة الرابعة (إلى النبي، ﷺ، برجل منهم وامرأة زنيا) قال ابن العربي في أحكام القرآن: اسم المرأة بسرة. كذا حكاه السهيلي والرجل لم يسم. (فأمر بهما) النبي، ﷺ (فرجما قريبًا من موضع الجنائز عند المسجد) بتثليث عين عند، وهي: ظرف في المكان والزمان غير متمكن، والمعنى هنا: في المسجد.
ورواة هذا الحديث كلهم مدنيون، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وأخرجه المؤلّف في: التفسير والاعتصام، والحدود، ومسلم في: الحدود، والنسائي في: الرجم.
٦٢ - باب مَا يُكْرَهُ مِنِ اتِّخَاذِ الْمَسَاجِدِ عَلَى الْقُبُورِ
وَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ ﵃ ضَرَبَتِ امْرَأَتُهُ الْقُبَّةَ عَلَى قَبْرِهِ سَنَةً، ثُمَّ
رُفِعَتْ، فَسَمِعُوا صَائِحًا يَقُولُ: أَلَا هَلْ وَجَدُوا مَا فَقَدُوا؟ فَأَجَابَهُ الآخَرُ: بَلْ يَئِسُوا فَانْقَلَبُوا.
(باب ما يكره من اتخاذ المساجد على القبور).
(ولما مات الحسن بن الحسن بن علي) بن أبي طالب، بفتح الحاء والسين في الاسمين وهو ممن وافق اسمه اسم أبيه، وكانت وفاته سنة سبع وتسعين، وكان من ثقات التابعين، وله ولد يسمى: الحسن أيضًا، فهم ثلاثة في نسق واحد (﵃، ضربت امرأته) فاطمة بنت الحسين بن علي، وهي: ابنة عمه (القبة) أي: الخيمة، كما دل عليه مجيئه في حديث آخر بلفظ: الفسطاط (على قبره سنة، ثم رفعت). قال ابن