والوصف (ثم يصلّي أربعًا) أخرى (فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلّي ثلاثًا) قالت (فقلت يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟) استفهام محذوف الأداة (قال): ﵊:
(تنام عيني) بالإفراد (ولا ينام قلبي) وهذا من خصائصه فيقظة قلبه تمنعه من الحدث. وهذا الحديث قد سبق في التهجد.
٣٥٧٠ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ: "سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُنَا عَنْ لَيْلَةِ أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ ﷺ مِنْ مَسْجِدِ الْكَعْبَةِ: جَاءَ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ قَبْلَ أَنْ يُوحَى إِلَيْهِ -وَهُوَ نَائِمٌ فِي مَسْجِدِ الْحَرَامِ- فَقَالَ أَوَّلُهُمْ: أَيُّهُمْ هُوَ؟ فَقَالَ أَوْسَطُهُمْ: هُوَ خَيْرُهُمْ. وَقَالَ آخِرُهُمْ: خُذُوا خَيْرَهُمْ فَكَانَتْ تِلْكَ. فَلَمْ يَرَهُمْ حَتَّى جَاءُوا لَيْلَةً أُخْرَى فِيمَا يَرَى قَلْبُهُ، وَالنَّبِيُّ ﷺ نَائِمَةٌ عَيْنَاهُ وَلَا يَنَامُ قَلْبُهُ، وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ تَنَامُ أَعْيُنُهُمْ وَلَا تَنَامُ قُلُوبُهُمْ. فَتَوَلاَّهُ جِبْرِيلُ، ثُمَّ عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ".
[الحديث ٣٥٧٠ - أطرافه في: ٤٩٦٤، ٥٦١٠، ٦٥٨١، ٧٥١٧].
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد (عن سليمان) بن بلال (عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر) بفتح النون وكسر الميم أنه قال: (سمعت أنس بن مالك يحدّثنا عن ليلة أسري بالنبي ﷺ من مسجد الكعبة) إلى بيت المقدس أنه (جاء) بإسقاط الضمير ولأبوي الوقت وذر: جاءه (ثلاثة نفر) من الملائكة. قال ابن حجر: لم أتحقق أسماءهم، وقال غيره هم: جبريل وميكائيل وإسرافيل ولم يذكر مستندًا يعول عليه (قبل أن يوحى إليه).
استشكل بأن الإسراء كان بعد المبعث بلا ريب فكيف يقول قبل أن يوحى إليه فهو غلط من شريك لم يوافق عليه وليس هو بالحافظ لا سيما وقد انفرد بذلك عن أنس ولم يرو ذلك غيره من الحفاظ؟ وأجيب على تقدير الصحة: بأنه لم يؤت عقب تلك الليلة بل بعد بسنتين لأنه إنما أسري به قبل الهجرة بثلاث سنين، وقيل غير ذلك مما يأتي إن شاء الله تعالى.
(وهو) ﷺ (نائم في مسجد الحرام) بتنكير الأول وتعريف الثاني بين اثنين حمزة وجعفر (فقال أولهم): أول النفر (أيهم هو؟) أي الثلاثة محمد ﷺ (فقال أوسطهم هو خيرهم) يعني النبي ﷺ لأنه كان نائمًا بين الاثنين (وقال آخرهم): أي آخر النفر الثلاثة (خذوا خيرهم) للعروج به إلى السماء (فكانت تلك) أي القصة أي لم يقع في تلك الليلة غير ما ذكر من الكلام (فلم يرهم) ﵊ (حتى جاؤوا) إليه (ليلة أخرى فيما يرى قلبه والنبي ﷺ نائمة عيناه ولا ينام قلبه) تمسك بهذا من قال إنه رؤيا منام ولا حجة فيه إذ قد يكون ذلك حاله أول وصول الملك إليه، وليس في الحديث ما يدل على كونه نائمًا في القصة كلها، وقد قال عبد الحق رواية شريك أنه قال كان نائمًا زيادة مجهولة (وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم فتولاه) ﵊ (جبريل ثم عرج به إلى السماء). كذا ساقه هنا مختصرًا ويأتي إن شاء الله تعالى مع مباحثه في موضعه، وقد أخرجه مسلم في الإيمان.
٢٥ - باب عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ فِي الإِسْلَامِ
(باب علامات النبوّة) الواقعة (في) زمن (الإسلام) من حين البعث دون ما وقع منها قبل، وعبّر بالعلامات لتشمل المعجزات التي هي خوارق عادات مع التحدي والكرامات.
٣٥٧١ - حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ حَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ زَرِيرٍ سَمِعْتُ أَبَا رَجَاءٍ قَالَ: «حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ أَنَّهُمْ كَانُوا مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي مَسِيرٍ فَأَدْلَجُوا لَيْلَتَهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ وَجْهُ الصُّبْحِ عَرَّسُوا، فَغَلَبَتْهُمْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ مَنَامِهِ أَبُو بَكْرٍ -وَكَانَ لَا يُوقَظُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنْ مَنَامِهِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ- فَاسْتَيْقَظَ عُمَرُ، فَقَعَدَ أَبُو بَكْرٍ عِنْدَ رَأْسِهِ فَجَعَلَ يُكَبِّرُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ حَتَّى اسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ ﷺ فَنَزَلَ وَصَلَّى بِنَا الْغَدَاةَ، فَاعْتَزَلَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ لَمْ يُصَلِّ مَعَنَا، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ: يَا فُلَانُ مَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُصَلِّيَ مَعَنَا؟ قَالَ: أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَيَمَّمَ بِالصَّعِيدِ ثُمَّ صَلَّى، وَجَعَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي رَكُوبٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَقَدْ عَطِشْنَا عَطَشًا شَدِيدًا، فَبَيْنَمَا نَحْنُ نَسِيرُ إِذَا نَحْنُ بِامْرَأَةٍ سَادِلَةٍ رِجْلَيْهَا بَيْنَ مَزَادَتَيْنِ، فَقُلْنَا لَهَا: أَيْنَ الْمَاءُ؟ فَقَالَتْ: إِنَّهُ لَا مَاءَ. فَقُلْنَا: كَمْ بَيْنَ أَهْلِكِ وَبَيْنَ الْمَاءِ؟ قَالَتْ: يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. فَقُلْنَا: انْطَلِقِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. قَالَتْ: وَمَا رَسُولُ اللَّهِ؟ فَلَمْ نُمَلِّكْهَا مِنْ أَمْرِهَا حَتَّى اسْتَقْبَلْنَا بِهَا النَّبِيَّ ﷺ، فَحَدَّثَتْهُ بِمِثْلِ الَّذِي حَدَّثَتْنَا، غَيْرَ أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ أَنَّهَا مُؤْتِمَةٌ، فَأَمَرَ بِمَزَادَتَيْهَا فَمَسَحَ فِي الْعَزْلَاوَيْنِ، فَشَرِبْنَا عِطَاشًا أَرْبَعِينَ رَجُلاً حَتَّى رَوِينَا، فَمَلأْنَا كُلَّ قِرْبَةٍ مَعَنَا وَإِدَاوَةٍ غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ نَسْقِ بَعِيرًا، وَهْيَ تَكَادُ تَنِضُّ مِنَ الْمِلْءِ. ثُمَّ قَالَ: هَاتُوا مَا عِنْدَكُمْ، فَجُمِعَ لَهَا مِنَ الْكِسَرِ وَالتَّمْرِ حَتَّى أَتَتْ أَهْلَهَا قَالَتْ: لَقِيتُ أَسْحَرَ النَّاسِ، أَوْ هُوَ نَبِيٌّ كَمَا زَعَمُوا. فَهَدَى اللَّهُ ذَاكَ الصِّرْمَ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، فَأَسْلَمَتْ وَأَسْلَمُوا».
وبه قال: (حدّثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك الطيالسي قال: (حدّثنا سلم بن زرير) بسكون اللام بعد فتح وزرير بفتح الزاي وراءين مهملتين أولاهما مكسورة بينهما تحتية ساكنة العطاردي البصري قال: (سمعت أبا رجاء) عمران بن ملحان العطاردي المخضرم المعمر (قال: حدّثنا عمران بن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتن ﵁ (أنهم كانوا مع النبي ﷺ في مسير) راجعين من خيبر كما في مسلم أو في الحديبية كما عند أبي داود (فأدلجوا) بهمزة قطع مفتوحة وسكون الدال المهملة وبالجيم (ليلتهم) أي ساروا أوّلها (حتى إذا كان وجه الصبح) ولأبي ذر: في وجه الصبح (عرسوا) بفتح العين وضم السين المهملتين بينهما راء مشددة أي نزلوا آخر الليل للاستراحة (فغلبتهم أعينهم) فناموا (حتى ارتفعت الشمس فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر) الصديق ﵁ (وكان لا يوقظ) بفتح القاف مبنيًّا للمجهول (رسول الله ﷺ من منامه حتى يستيقظ) في التيمم، وكان النبي ﷺ إذا نام لم يوقظ حتى يكون هو يستيقظ لأنا لا ندري ما يحدث له في نومه من الوحي، (فاستيقظ عمر) بعد أبي بكر ﵄ (فقعد أبو
بكر عند رأسه) ﷺ (فجعل يكبر ويرفع صوته) بالتكبير (حتى استيقظ النبي ﷺ) وفي التيمم: فلما استيقظ عمر رأى ما أصاب الناس أي من نومهم عن صلاة