للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ : ﴿وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ﴾ -إِلَى قَوْلِهِ- ﴿يُشْرِكُونَ﴾ [الأنعام: ٩١].

وبه قال: (حدّثنا عثمان بن أبي شيبة) أبو الحسن العبسي مولاهم الكوفي الحافظ قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن عبيدة) بفتح العين السلماني (عن عبد الله) بن مسعود () أنه (قال: جاء حبر من اليهود فقال) وللأصيلي إلى النبي فقال (إنه إذا كان يوم القيامة جعل الله) ﷿ (السماوات) السبع (على أصبع والأرضين) السبع (على أصبع والماء والثرى) بالمثلثة (على أصبع والخلائق على أصبع ثم يهزهنّ) أي يحركهن إشارة إلى حقارتهن إذ لا يثقل عليه إمساكها ولا تحريكها (ثم يقول: أنا الملك أنا الملك) مرتين (فلقد رأيت النبي يضحك حتى بدت) ظهرت (نواجذه) بالذال المعجمة أنيابه التي تبدو عند الضحك (تعجبًا) من قول الحبر (وتصديقًا لقوله ثم قال النبي ):

(﴿وما قدروا الله حق قدره﴾ -إلى قوله-: ﴿يشركون﴾ [الأنعام: ٩١]) والتعبير بالأصبع والضحك من المتشابهات كما سبق فيتأوّل على نوع من المجاز وضرب من التمثيل مما جرت عادة الكلام بين الناس في عُرْف تخاطبهم، فيكون المعنى إن قدرته تعالى على طيها وسهولة الأمر في جمعها بمنزلة من جمع شيئًا في كفه فاستخف حمله فلم يشتمل عليه بجميع كفه بل أقله ببعض أصابعه، وقد يقول الإنسان في الأمر الشاق إذا أضيف إلى القوي إنه يأتي عليه بأصبع أو إنه يقله بخنصره، والظاهر أن هذا كما مرّ من تخليط اليهود وتحريفهم وأن ضحكه إنما كان على وجه التعجب والنكير له والعلم عند الله قاله الخطابي فيما نقله عنه في الفتح.

ومطابقة الحديث في قوله ثم يقول: أنا الملك أنا الملك وسبق في باب قوله تعالى: ﴿لما خلقت بيدي﴾ [ص: ٧٥].

٧٥١٤ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرِزٍ أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ فِى النَّجْوَى؟ قَالَ: «يَدْنُو أَحَدُكُمْ مِنْ رَبِّهِ حَتَّى يَضَعَ كَنَفَهُ عَلَيْهِ، فَيَقُولُ: أَعَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ، وَيَقُولُ عَمِلْتَ كَذَا وَكَذَا فَيَقُولُ: نَعَمْ فَيُقَرِّرُهُ، ثُمَّ يَقُولُ: إِنِّى سَتَرْتُ عَلَيْكَ فِى الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ».

وَقَالَ آدَمُ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ عَنِ ابْنِ عُمَرَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ .

وبه قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد قال: (حدّثنا أبو عوانة) الوضاح اليشكري (عن قتادة) بن دعامة (عن صفوان بن محرز) بضم الميم وسكون الحاء المهملة وبعد الراء المكسورة زاي المازني (أن رجلاً) لم يسمّ (سأل ابن عمر) فقال له (كيف سمعت رسول الله يقول في النجوى) التي تقع بين الله وبين عبده يوم القيامة (قال) ابن عمر سمعت رسول الله يقول:

(يدنو أحدكم من ربه) أي يقرب منه تعالى قرب رحمة (حتى يضع) الله تعالى (كنفه عليه) بفتح الكاف والنون أي يحفظه ويستره عن أهل الموقف فضلاً منه حيث يذكر له معاصيه سرًّا

(فيقول) له (أعملت كذا وكذا فيقول) العبد (نعم) يا رب (ويقول) له (عملت) وللأصيلي أعملت (كذا وكذا فيقول نعم) يا رب (فيقرره) بذنوبه ليعرّفه منّته عليه في ستره في الدنيا وعفوه في الآخرة (ثم يقول) تعالى (إني سترت) ذنوبك (عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم).

ومطابقته للترجمة في قوله فيقول في الموضعين وأخرجه في باب قول الله تعالى: ﴿ألا لعنة الله على الظالمين﴾ [هود: ١٨] من كتاب المظالم.

(وقال آدم) بن أبي إياس (حدّثنا شيبان) بن عبد الرحمن قال: (حدّثنا قتادة) بن دعامة قال: (حدّثنا صفوان) بن محرز (عن ابن عمر) أنه قال: (سمعت النبي ) ذكره لتصريح قتادة بقوله حدّثنا صفوان، وليس في أحاديث هذا الباب كلام الرب مع الأنبياء إلا في حديث أنس وإذا ثبت كلامه مع غير الأنبياء فوقوعه معهم أولى والله الموفّق.

٣٧ - باب قَوْلِهِ: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء: ١٦٤]

(باب قوله) ﷿: (﴿وكلم الله موسى تكليمًا﴾ [النساء: ١٦٤]) الجمهور على رفع الجلالة الشريفة وتكليمًا مصدر رافع للمجاز قال الفراء العرب تسمي ما يوصل إلى الإنسان كلامًا بأيّ طريق وصل، ولكن لا تحققه بالمصدر فإذا تحقق بالمصدر لم يكن إلا حقيقة الكلام، وقال القرطبي: تكليمًا مصدر معناه التأكيد، وهذا يدل على بطلان قول من يقول خلق الله لنفسه كلامًا في شجرة يسمعه موسى بل هو الكلام الحقيقي الذي يكون به المتكلم متكلمًا قال النحّاس: وأجمع النحويون على أنك إذا أكدت الفعل بالمصادر لم يكن مجازًا وأنه لا يجوز في قول الشاعر:

امتلأ الحوض وقال قطني

أن يقول وقال قولاً، وكذا لما قال تكليمًا وجب أن يكون كلامًا على الحقيقة. قال في المصابيح بعد أن ذكر نحو ما ذكرته، واعترض هذا بقوله تعالى: ﴿ومكروا مكرًا ومكرنا مكرًا﴾ [النمل: ٥٠] وقوله تعالى: (﴿وأكيد كيدًا﴾ [الطارق: ١٦] وقول الشاعر:

بكى الخز من روح وأنكر جلده … وعجبت عجيجًا من جذام المطارف

فإن ذلك كله مجاز مع وجود التأكيد بالمصدر، ولهذا قال بعضهم: والتأكيد بالمصدر يرفع المجاز في الأمر العام يريد الغالب قال: وكان الشيخ بهاء الدين بن عقيل يقول الجواب عن هذا البيت يؤيد تحقيقًا سمعناه من شيخنا علاء الدين القونوي فيقول لا تخلو الجملة التي أكد الفعل فيها بالمصدر من أن تكون صالحة لأن تستعمل لكلٍّ من المعنيين يريد الحقيقة والمجاز أو لا يصلح

<<  <  ج: ص:  >  >>