عقبيه) بالتثنية رجوع (القهقرى)، بأن مشى إلى خلف
ووجهه لحمزة خشية أن يزداد عبثه في حال سكره فينتقل من القول إلى الفعل، فأراد أن يكون ما يقع منه بمرأى منه ليدفعه إن وقع منه شيء.
(وخرجنا معه) ﷺ وكان ذلك قبل تحريم الخمر كما في رواية ابن جريج عن ابن شهاب في الشرب، ولذا لم يؤاخذ ﵇ حمزة بقوله. ومن تداوى بمباح أو شرب لبنًا أو أكل طعامًا فسكر فقذف غيره فهو كالمجنون والمغمى عليه والصبي يسقط عنهم حدّ القذف وسائر الحدود غير إتلاف الأموال لرفع القلم عنهم فمن سكر من حلال فحكمه حكم هؤلاء. وحكى الطحاوي الإجماع على أن من سكر من ذلك لا طلاق عليه وهو مذهبنا أيضًا حتى لو سكر مكرهًا عندنا فكذلك، وأما ضمان إتلاف الناقتين فضمانهما لازم لحمزة لو طالبه عليّ به إذ العلماء متفقون على أن جنايات الأموال لا تسقط عن المجانين وغير المكلفين ويلزمهم ضمانها في كل حال كالعقلاء. وعند ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عياش أن النبي ﷺ أغرم حمزة ثمن الناقتين.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: أعطاني شارفًا من الخمس، وقد سبق في كتاب الشرب.
٣٠٩٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ صَالِحٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ ﵂ أَخْبَرَتْهُ "أَنَّ فَاطِمَةَ ﵍ ابْنَةَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ سَأَلَتْ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَقْسِمَ لَهَا مِيرَاثَهَا ممَا تَرَكَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ".
[الحديث ٣٠٩٢ - أطرافه في: ٣٧١١، ٤٠٣٥، ٤٢٤٠، ٦٧٢٥].
وبه قال: (حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي العامري قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري (عن صالح) هو ابن كيسان (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (عروة بن الزبير) بن العوّام (أن عائشة أم المؤمنين ﵂ أخبرته أن فاطمة) الزهراء ﵍ ابنة) ولأبي ذر: بنت (رسول الله ﷺ سألت أبا بكر الصديق) ﵁ (بعد وفاة رسول الله ﷺ أن يقسم لها ميراثها ما ترك) بدل من قوله ميراثها أو عطف بيان ولابن عساكر وأبى ذر عن الكشميهني مما ترك (رسول الله ﷺ مما أفاء الله عليه) وهو ما أخذ من الكفار على سبيل الغلبة بلا قتال ولا إيجاف أي إسراع خيل أو ركاب أو نحوهما من جزية أو ما هربوا عنه لخوف أو غيره أو صولحوا عليه بلا قتال وسمي فيئًا لرجوعه من الكفار إلى المسلمين. وأما الغنيمة فهي ما أُخذ من الكفار بقتال أو إيجاف ولو بعد انهزامهم وما أخذ من دراهم اختلاسًا أو سراقة أو لقطة ولم تحل الغنيمة إلا لنا وقد كانت في أول الإسلام له ﷺ خاصة يصنع فيها ما يشاء، وعليه يحمل إعطاؤه ﷺ من لم يشهد بدرًا ثم نسخ بعد ذلك فخمسه كالفيء لآية: ﴿اعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمُسه﴾ [الأنفال: ٤١]. وسميت بذلك لأنها فضل وفائدة محضة. والمشهور تغاير الفيء والغنيمة وقيل يقع
اسم كل منهما على الآخر إذا أفرد فإن جمع بينهما افترقا كالفقير والمسكين وقيل اسم الفيء يقع على الغنيمة دون العكس، وقد كان ﵇ يخمس الفيء خمسة أخماس الآية: ﴿ما أفاء الله على رسوله﴾ [الحشر: ٧]. ويقسم خمسه على خمسة أسهم فالقسمة من خمسة وعشرين.
سهم منها له ﵊ كان ينفق منه على مصالحه وما فضل منه يصرف في السلاح وسائر المصالح، وأما بعد وفاته ﵇ فمصرف هذا السهم المصالح العامة كسدّ الثغور وعمارة الحصون والقناطر وأرزاق القضاة والأئمة.
والسهم الثاني: لذوي القربى من بني هاشم وبني المطلب.
والثالث: لليتامى والفقراء.
والرابع: والخامس: للمساكين وابن السبيل.
وأما الأربعة الأخماس فهي للمرتزقة وهم المرصدون للجهاد بتعيين الإمام. وكانت للنبي ﷺ في حياته مضمومة إلى خمس الخمس فحملة ما كان له من الفيء أحد وعشرون سهمًا. سهم منها للمصالح كما مرّ والمراد أنه كان يجوز له أن يأخذ ذلك لكنه لم يأخذه وإنما كان يأخذ خُمس الخمس كما مرّ.
وأما الغنيمة فلخمسها حكم الفيء فيخمس خمسة أسهم للآية، وأربعة أخماسها للغانمين.
وقال الجمهور: مصرف الفيء كله إلى رسول الله ﷺ يصرفه بحسب المصلحة لقول عمر الآتي:
فكانت هذه خالصة لرسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ